كشف تحالف إماراتي عالمي توقيعه أكبر عقد في صناعة النماذج ثلاثية الأبعاد للمدن على مستوى العالم.
بالطبع ليس مهماً أن يكون ذلك العقد الأكبر في تلك الصناعة، لكن المهم بالفعل أن دبي تطرق بابا لم يسبقها إليه أحد، ففكرة هذا المشروع هي تحويل المدينة إلى نموذج ثلاثي الأبعاد مطابق لأرض الواقع بنسبة 100% يضم كل ما يمكن أن تراه العين في دبي الحقيقية من مبان وشوارع وعلامات مرورية وحتى أصغر جسم فيها، ومن ثم يجري برمجة النموذج الثلاثي الأبعاد ليسمح لأي مستخدم للموبايل داخل وخارج دولة الإمارات من التجوال داخل المدينة. وهنا يصبح المشروع رباعي الأبعاد، وهكذا يجري برمجة النموذج ليسمح للمستخدم بالتجوال والتواصل وإتمام المعاملات والخدمات الحكومية أو خدمات القطاع الخاص.
ذلك العقد يقضي بتطوير نموذج ثلاثي الأبعاد لمدينة دبي لمساحة تغطي 200 كيلومتر مربع، وبذلك تكون دبي أول مدينة في العالم تتحول بالكامل إلى منصة مجانية على شبكة الإنترنت، ويمكن لمن يجلس في أميركا اللاتينية أو أستراليا التجوال في شوارع دبي وزيارة معالمها ومعرفة أسلوب الحياة وطرق الاستثمار والدراسة والعمل فيها عبر الكمبيوتر أو الموبايل.
وبحسب معلومات قناة “العربية”، فإن دبي وعلى ما يبدو تريد أن تفاجئ العالم بهذا المشروع الخلاّق عندما تنجزه على مراحل ليكتمل في 2020، أي في العام الذي تحتضن فيه معرض “إكسبو” العالمي، لكن ليس مستبعدا أن تكشف دبي تفاصيل المشروع في معرض “جيتكس 2015″ أو ربما تستعرضه أمام رؤساء حكومات العالم في القمة الحكومية في فبراير 2016، وهي بذلك تؤكد مقدرتها على أن تصبح الرقم 1 حتى فيما يتعلق بالاختراعات التكنولوجية وبالابتكار واقتصاد المعرفة والاستدامة.
دبي.. المدينة الأذكى في العالم
وفي هذا السياق، يقول رئيس الشركة الإماراتية “زيروتكنولجيز”، الدكتور محمد المر، إن “الثمار التي ستجنيها دبي من وراء هذا المشروع لا تعد، فهي تقدم للعالم الآن ما يجب أن تكون عليه الحياة في المستقبل”. ويضيف: “إن حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم يريد حكومة لا تنام، وأن يستطيع أي شخص إنجاز معاملته من أي مكان في العالم، وأن تكون دبي المدينة الأذكى في العالم، وهذا ما نجتهد في المساهمة فيه”.
ويؤمن هذا المواطن الإماراتي، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في القانون، بأن هذا المشروع تجسيد حي لما يتطلع له زعيم وقائد متفرد وجريء في رؤيته، ويؤكد: “ولأن الولد على سر أبيه، فإن سمو ولي عهد الإمارة حمدان بن محمد دعا المختصين إلى المشاركة في تحقيق رؤية محمد بن راشد، وحفزهم على أن إنجازها، ليس للأجيال المقبلة بل إنجازها للأجيال الموجودة الآن. ويمكننا أن نجزم أننا قادرون على ذلك مع مزيد من الصبر”.
ويؤكد الدكتور المر: “لم نطلب درهما واحدا من أي جهة رسمية لتمويل المشروع، ولكننا نتطلع إلى المزيد من التعاون”.
ومن جهته، يقول مدير إحدى الشركات الأجنبية في المشروع: “ربما لا أستطيع الحديث عن قيمة العقد، لكن يمكنني أن أجزم أن هذا المشروع سوف يغير صناعة العوالم الرقمية والافتراضية، بل وطريقة حياة الناس وكيفية إدارة الحكومات للمدن. نحن بالفعل أمام تاريخ جديد تصنعه دبي، وهذه فرصة نغتنمها بسعادة مع شركائنا لإظهار خبراتنا وتقنياتنا الخاصة في هذا المجال”.
يتحدث ذلك المدير بثقة، لأن شركته الوحيدة في العالم القادرة على تطوير نموذج دقيق الأبعاد ومطابق لأرض الواقع بنسبة 100% ومدعوما بنظام المعلومات الجغرافي للمدينة.
ويقول: “لقد سبق لنا تطوير نموذج ثلاثي الأبعاد مصغر وبسيط لمدينة لندن، لكن الذي طلبته الشركة الإماراتية يفوق الخيال ويتطلب تقنيات غير مسبوقة، وقد تمكنا بعد عام من العمل المشترك والمضني من الوصول إلى الخلطة التي تستطيع دبي من خلالها أن تنفرد بهذا الابتكار الذي يقدم للناس الخدمات الحكومية وخدمات القطاع الخاص في منصة واحدة رباعية الأبعاد”.
استأجر شقة في دبي.. وأنت في بكين
فإذا كنت تتجول في بيئة ثلاثية الأبعاد بشخصية افتراضية أنت تختارها وتنتقل من شارع الشيخ زايد إلى أعلى قمة برج خليفة، يكون الزمن في هذه الحالة بعدا رابعا، وتكون أنت قد أصبحت تُمارس حياة مثيرة.
ومن المثير جدا أن تكون رجل أعمال في الصين ويمكنك عبر المنصة أن تختار شقة أو فيلا في دبي وتتعرف على أقرب مدرسة أو كلية لأولادك والمنهج الدراسي فيها، كما يمكنك أن تعرف مواعيد وحركة المترو وحركة المرور وكم يبعد أقرب مستشفى وأقرب مول. ولن ينتهي ما يمكن للمستخدم أن يعرفه أو يستفيد منه باستخدام هذا الابتكار.
يؤكد أصحاب المشروع أنك تستطيع أن تستأجر شقة أو فيلا أو تشتريها وتسجلها في السجلات الرسمية وأنت لم تحرك ساكنا ولا تزال تجلس في بكين أو روما.
وربما يثير هذا الأمر حماسة الجهات المعنية بجذب الاستثمارات، إلا أن دبي ترى في ذلك إنجازا مهما لحماية البيئة، فبهذا المشروع تخفض الإمارة من البصمة الكربونية أيضا، وتخفف الضغط على بنيتها التحتية المكلفة. كما تخفض نفقاتها التشغيلية بالمليارات، وتزيد ناتجها القومي بالمليارات.
وإذا ما تمكنت دبي من تنفيذ هذا المشروع الجبار، فإنها ستُحدث ثورة تقنية بمعنى الكلمة، وستقلب رأسا على عقب صناعة التكنولوجيا والعوالم الرقمية والافتراضية وطرق حماية البيئة ومفاهيم الابتكار واقتصاد المعرفة وإدارة المدن وإسعاد الناس.
وستجبر دبي، فعلا لا قولا، أنشطة اقتصادية عملاقة وصناعات عالمية ضخمة كتخطيط المدن والتطوير العمراني والنقل والبناء والتشييد والصحة والتعليم والسياحة والترفيه وحتى الإعلام، ستجبر كل هؤلاء على الجلوس جميعا لتلقي الدروس وتعلم المستقبل من هذه المدينة الصغيرة بمساحتها والكبيرة بأفعالها.
المشروع إماراتي وتشارك فيه 5 شركات عالمية متخصصة تقودها الشركة الإماراتية. ويحمل المشروع اسم “دي. فور دي” اختصارا لـdubai 4 dimensions وقد انطلق منذ عام بعد عامين من التأخير والتسويف وغياب الدعم. ورغم أنه مازال يواجه الروتين الإداري، فإن هذا المشروع سيمثل لاحقا نقطة تحول عملاقة في تاريخ الإنجازات البشرية الحديثة على يد دبي.