الرياض – سفاري نت
بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة القصيم، رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة اليوم الاثنين (18 صفر 1437هـ) في مركز الملك خالد الحضاري ببريدة، ملتقى التراث العمراني الخامس، الذي تستضيفه منطقة القصيم هذا العام بإشراف وتنظيم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ومجموعة من الشركاء بالمنطقة.
وحضر حفل الافتتاح صاحب السمو الملكي الامير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمحافظة وأحد الشخصيات المكرمة في الحفل، وصاحب السمو الملكي الامير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة وأحد الشخصيات المكرمة بالحفل، ومعالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي، معالي المهندس عبداللطيف بن عبدالملك آل الشيخ وزير الشئون البلدية والقروية، وأصحاب المعالي والسعادة الوزراء والمسئولون عن السياحة والتراث في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وفور وصول سموهما لمقر الحفل افتتحا معرض الملتقى الذي يشتمل على أجنحة لعدد من الجهات الحكومية، ومجالس التنمية السياحية في المناطق، والمراكز والجمعيات المعنية بالتراث العمراني، إضافة إلى عدد من الفعاليات التراثية، وقاما مع كبار الضيوف بجولة في المعرض.
ثم بدأ حفل الافتتاح بالقرآن الكريم.
بعد ذلك تم عرض فلم الملتقى بعنوان (العودة إلى المستقبل).
ثم ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كلمة أكد فيها على النظر الى التراث الحضاري لبلادنا على أنه الاقتصاد الجديد الذي سيحقق فرص عمل واستثمار وافر للمواطنين بشتى اختصاصاتهم ومستويات تعليمهم وفي كافة مجتمعاتهم، وقد قررت الدولة معادلة التضامن بين السياحة المتوازنة, والتراث, هي معادلة ستؤدي بإذن الله الى اعادة الاعتبار والاحترام لتراثنا الوطني العظيم وجعله في متناول الزائر والاجيال المتعطشة لأن تعيش تراث بلادها في حلته الجديدة التي تحاكي العصر تنظيماً وتطويراً وازدهاراً ان شاء الله.
وقال سموه: " يسعدني في هذه الليلة المباركة ان نشارككم في القصيم الحبيبة بلد النخوة والكرم والوفاء وبلد الولاء والانجازات وحقيقة وجدنا في هذا الملتقى التنظيم المميز والعمل الراقي الدؤوب الذي عرف به القصيم واهلها ولذلك نحن نجتمع اليوم في منطقة القصيم العزيزة ونلتقي مع اهلها الذي كان لهم دور كبير ومساهمات لا تنسى في بناء هذه البلد وتعزيز وحدتها ولله الحمد ونلتقى الليله ونحن نعيش التحول الكبير الذي دعمته الدولة خلال السنوات الماضية لاحياء تراثنا الوطني وتعزيز دوره في حياتنا واقتصادنا.
وأكد سموه أن الملتقى يقام والمملكة تعيش التحول الكبير الذي دعمته الدولة خلال السنوات الماضية لإحياء تراثنا الوطني وتعزيز دوره في حياتنا واقتصادنا، مشيرا إلى أن التراث الوطني الذي كان يعتبر خطأً من مخلفات الماضي وعنوان التخلف أصبح في قمة اهتمام الدولة والمواطنين، وما نشاهده اليوم هنا في القصيم ماهو إلا مثال يتكرر في كل مناطق المملكة، وهذا ما كان ليحدث لولا توفيق الله تعالى ثم الدعم المتواصل من قائد هذه الدولة الملك سلمان حفظه الله وتكاتف مؤسساتها ومواطنيها.
ونوه سموه بالدعم والرعاية التي يوليها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للتراث الوطني، وقال: يجب أن أشير بكل التقدير مرة اخرى للدور الكبير لسيدي خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله في العمل لإعادة الاعتبار لتراثنا الوطني منذ أن كان أميرا للرياض ولقد عاصرت ذلك شخصيا عبر سنوات طويلة وهو يكافح وينافح من اجل الابقاء على مصادر التراث في منطقة الرياض وفي انحاء بلادنا، وقد وقف سدا منيعا امام برامج وخطط مسح التراث واستبعاده من خرائط التطوير في المنطقة، وظهر اليوم شأن هذه المناطق التي بقيت شاهدة على نظرته بعيدة المدى بأن التراث الوطني هو جزء ومكون اساس من مستقبل هذه البلاد كما هو مستقبل اساس من تاريخها، ولقد كانت المبادرات الكبرى من قبله رافدا أساسيا نستمد منه الوعي والحرص على تاريخنا وتراثنا.
وأكد الامير سلطان بن سلمان على الأهمية الحضارية والاقتصادية للتراث الوطني، مضيفا سموه: |نحن جميعاً واثقون بأن الامة التي لا تحافظ على تاريخها وتراثها الحضاري لا يمكن أن يكون لها مستقبل واعد، ولقد تطور اهتمامنا بالتراث، كونه الخيمة التي تظلنا, والرابط الذي يجمعنا ويؤكد هويتنا الوطنية, ولأنه باب خير اقتصادي مهم ومؤثر يمكن أن يساهم كما يساهم في الدول المتحضرة والمتطورة اقتصاديا في تحقيق التنمية المحلية المتوازنة على المستوى الوطني ويمكن ان يحقق فرصة غير ناضبة من العمل والانتاج والإبداع للشباب والاسر".
ولفت سموه إلى أن التحديات التي كانت تواجه التراث الوطني بشكل عام والتراث العمراني والتي عايشناها على مدى سنوات طويلة, والذي هو محور هذا الملتقى, بحاجة الى تكاتف الجميع وجهودهم المستمرة، مؤكدا العمل على استعادة التاريخ من خلال هذه البرامج والمشاريع .
وأشاد سموه بدور شركاء الهيئة في خدمة التراث وتحول النظرة تجاهه، وأضاف: "وأنا هنا لأقف أمامكم مقدراً للدور الرائد لشركاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وهم كثر من امارات المناطق وامانات وبلديات المناطق والوزارات المتعددة الدور الرائد لهم في كل شيء نقوم به اليوم ولذلك يجير النجاح اذا كان هناك نجاح الان ومستقبلا لهم وللمواطنين اساسا الذين قاموا معنا وتمسكوا بهذا التراث الذي تحول اليوم الى مورد فيه خير كثير لهم ان شاء الله، ونحن اليوم انتقلنا بحق ومن هذا الملتقى نعلن اليوم ان أي مواطن واي انسان ينظر الى مع التراث بازدراء فهو لايمت لهذا الوطن بصلة ولا ينتمي الينا، نحن اليوم ننظر الى تراثنا الوطني على انه احد المكونات الاساسية لهذه الدولة المباركة وهذه الوحدة الوطنية الفتية , وان مواقع التراث التي خرجت منها الوحدة المباركة وجمعت شملنا وهذه المواقع تنادينا اليوم ان نكون وفيين تجاهها وتجاه الذين سكنوا فيها وكافحوا ونافحوا لتقوم هذه الدولة المباركة، فلا يجب الا ان نكون افياء معها كما نحن دائما ولذلك نحن نقوم باستعادة التاريخ والعمل جميعا لمكافحة من يريد ان يقضي على هذا التاريخ لاقدر الله ولله الحمد هم قلة، ونحن ننظر الى ان التراث الوطني يتحول من الاندثار الى الازدهار ونستوحي في كل ما نعمله من كلمات سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي وافق قبل شهر من الان على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري بميزانية لا تقل عن 5 مليارات ريال تشمل منظومة كبيرة من البرامج والمشاريع التي نعمل فيها سويا مع شركائنا من البلديات الذين نوجه لكم شكرا خاصا ولوزيرها الرجل الذي عملت معه لاكثر من 30 عاما معالي الاخ الكريم عبداللطيف ال الشيخ الذي يحضر معنا اليوم".
وتطرق سموه إلى التطورات والتحولات المهمة التي شهدها التراث الوطني خلال العام الحالي ومنها تعديل مسمى الهيئة ليصبح: الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وإقرار الدولة برنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، ووضع ميزانية خاصة به تزيد عن الخمسة مليارات ريال للسنوات الثلاث القادمة.
وأضاف: "هذا المشروع لا يهدف فقط لتعزيز الهوية الوطنية بل أنه يركز على الربط بين الاقتصاد والتراث، وهو مشروع كبير ورائد كما قالت عنه رئيسة اليونسكو في خطاب سابق ان هذا المشروع لم يعرف في مكان في العالم بهذا الشكل وهذا التركيز من الدولة ومؤسسات ومواطنين فإذا كنا عملنا خلال الأعوام السابقة على تعزيز مفهوم السياحة الثقافية على المستوى الوطني وبناء قاعدة اجتماعية تتقبل هذه الفكرة، فإن هذا المشروع الحضاري الرائد سيوفر البنية التحتية والفوقية التي تجعل من هذه الفكرة قابلة للتطبيق، وتجعلها ذات قيمة اقتصادية كبيرة في بلادنا خاصة وأنها بلاد الحضارات والتاريخ، وهو مشروع متعدد الأهداف يهتم بمستقبل هذا الوطن العظيم وأذكر هنا بكلمة خادم الحرمين يحفظه الله أن المستقبل يجب أن يرتكز على تاريخنا وتراثنا العظيم. كما أنه مشروع يهدف إلى حفظ الذاكرة الوطنية للأجيال القادمة ويعزز من الوحدة الوطنية من خلال مواقع تاريخية وتراثية حية ومعاشة وليس فقط حكايات تروى.
وتابع سموه: الصير والمثابرة هي سمة اهل هذه البلاد الكريمة التي تقف اليوم شامخة بين الامم وهي والحمدلله مستقرة امنة مزدهرة انما تم بتوفيق الله تعالى ثم تكاتف اهلها على كلمة لا اله الا الله ومثابرتهم وصبرهم وكدليل على ذلك هذه المنطقة العزيزة التي كان يذهب اهلها من ضمنهم العقيلات واهلها ويسافرون الى الدول المجاورة بحثا عن الرزق حيث شح الروق في بلادنا ونحن اليوم نرى الدنيا تاتي للبلاد بحثا عن الرزق والامن والسعادة ولذلك نحن اولى من غيرنا بان ننظر لهذا التراث الذي تكونا منه ونطلق منه اباؤنا واجدادنا ان نكون نحن اول المحافظين عليه من هذا المنطلق قامت الدولة بتأسيس الهيئة وهي منظومة من الوزارات والشركاء بعدد من المهام وتجمعت المهام المتعلقة بالتراث الوطني في وانتمت الى مسماها الهيئة , ولم يكن لها أن تتحقق دون دعم من الدولة وصبر ومثابرة وإيمان بالفكرة.
واستكمل سموه التطورات والانجازات بإقرار نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني من قبل الدولة وإنجاز جميع اللوائح التنفيذية الخاصة به، وهو النظام الوحيد على مستوى العالم لذي يقر بجمع التراث والتراث العمراني في نظام موحد ويستوحي هذا النظام جميع التجارب الدولية الرائدة التي عملنا عليها على مدى اربع سنوات حتى تم اقراره بمشاركة مع شركاء كثر من قبل الدولة وإنجاز جميع اللوائح التنفيذية الخاصة به وتم اقرارها اليوم في القصيم وستعلن الاحد القادم باذن الله، وتأسيس شركة الضيافة والفنادق التراثية "نزل" التي ستعمل على مفهوم "تكامل التراث" وستشكل قاعدة اقتصادية توازن بين المحافظة على مكونات التراث وتوظيفه اقتصاديا، وتأسيس شركة التنمية والاستثمار السياحي وبرنامج الاقراض للمشاريع السياحية الذي أقرته الدولة مؤخرا ويشكل فرصة كبيرة لتعزيز السياحة بشكل عام وخاصة السياحة الثقافية التي صارت الآن محط أنظار المهتمين على مستوى العالم. كما أن هناك برامج تمويل متعددة لدعم الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالات السياحة والتراث يقدمها بنك التسليف الذي نعمل معه لزيادة قروض تطوير المواقع التراثية إلى 50 مليون ريال, وصندوق التنمية الزراعية الذي يمول مشاريع برنامج السياحة الزراعية (أرياف) الذي تديره الهيئة. كما قامت الهيئة بإطلاق مبادرة المسارات السياحية "محفول مكفول" في جميع مناطق المملكة وهي مسارات تقوم أصلا على توظيف القرى التراثية وعلى الاستفادة من المواقع الطبيعية والامكانات السياحية في كل منطقة،. والمساهمة في تعزيز الترابط بين الخدمات والمنتجات السياحية وتغذية الاقتصادات المحلية.
وتطرق سموه الى اطلاق الهيئة برنامج العناية بالمساجد التاريخية، مشيرا إلى أن الهيئة تبنت هذا البرنامج الذي يمثل أحد أعمدة ثقافتنا الدينية والاجتماعية، وهذا البرنامج حظى بدعم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمه الله ويحظى الآن بدعم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقد قمنا قبل أسابيع قليلة بتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون الإسلامية لتعزيز التعاون لإعادة الحياة لهذه المساجد وإقامة الصلاة فيها فهي تمثل قلب المواقع التاريخية النابض ولا نتوقع أن تحيى هذه المواقع دون أن تبدأ الحياة في القلب.
- واضاف: وقصص هذا الوطن انطلقت من المساجد وجمعت شمل الناس واليوم القصيم كما هي في الاحصاءات الاخيرة اكثر من 90 مسجد تاريخي بعض منها عادت الحياة والصلاة ونتأمل برعاية اخي سمو الامير فيصل ان ينطلق غدا برنامج امير المنطقة للعناية بالمساجد التاريخية وهذه دعوة مفتوحة وسوف يقدم فضية الشيخ عبدالرحمن السديس جلسة المساجد التاريخية وسوف يتحدث عن هذه الامنية ان كل من يملك نسجد واكثر في القصيم حتى يعاد فتحه والصلاة فيه
وأشار أيضا الى قيام الهيئة وبقرار من الدولة بتأسيس البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية "بارع" الذي يعمل على تحويل الحرف التقليدية إلى منتج سعودي أصيل ومتطور يستمد أصالته وتميزه من عمق تاريخنا وثقافته، وهذا البرنامج يتكامل مع التراث العمراني ومع جميع عناصر التراث المادية والغير مادية لبناء صناعة اقتصادية متكاملة تقوم على مخزون تراثنا الوطني الثري, ودعم توليد فرص العمل والاستثمار في التراث الوطني.
وأضاف: "كما تعمل الهيئة ضمن مبادرة (عيش السعودية) لتمكن المواطن من أن يعيش بلده لا أن يسكنها فقط، وهو برنامج موجه لزيادة عدد تدفقات الشباب لمناطق المملكة ليعيشوا هذا الوطن العظيم ويشاهدوا عن قرب انجازاته وحضارته ويتلاقون مع مواطنيه وهو ماننظر إليه على أنه أساس لتعزيز المواطنة واللحمة الوطنية لدى النشء إن شاء الله، كما نعمل في هيئة السياحة والتراث الوطني على تكامل جميع عناصر السياحة الثقافية, بما في ذلك مايتم عبر البرنامج الوطني للمؤتمرات والمعارض وهو القطاع الاقتصادي الجديد الذي تقوم الهيئة بإعادة تنظيمه وتفعليه.
وأكد سموه على أهمية أن ننظر لتراثنا الوطني من منظور استراتيجي ومستقبلي, فالمواطن الذي لا يعرف وطنه او تاريخه, وملحمة وحدته الوطنية, لا يمكن أن يمارس مواطنته أو يكون مساهماً فاعلاً في مستقبل بلاده, ولا يتمكن من مواجهة التحديات التي تواجهها الأوطان وتستهدف وحدتها ومقوماتها واستقرارها".
وختم سمه كلمته بالقول: "أود أن اقدم رسالة شكر وتقدير لسمو الامير فيصل بن بندر امير القصيم السابق على دعمه لنا منذ كان امير المنطقة وكان يساعده سمو الامير فيصل بن مشعل لذلك لاغرابة وهو يعملون في هذه المنطقة المحببة الينا ان تكون القصيم من المناطق التي نحن في الهيئة نعتز ونسعد بان نعمل معها ولا يوجد برنامج للهيئة الا ونجده قد نجح في القصيم وحقق النتائج".
تلا ذلك كلمة الشركاء التي ألقاها معالي المهندس عبداللطيف بن عبدالملك آل الشيخ وزير الشئون البلدية والقروية والتي أكد فيها على أهمية هذا الملتقى السنوي ودوره في تسليط الضوء على الجهود والمبادرات والمشاريع المتعلقة بالتراث العمراني
واكد، أن ملتقى التراث العمراني يهدف الى نشر ثقافة المحافظة على التراث العمراني الوطني والارتقاء بموارده واعادة تأهيله واستثمار مبانيه ومواقعه نستذكر فيها أهمية التراث الوطني ومكانته لما يمثله من قيمة حضارية أصيلة لواقع وطننا الغالي وسجلا لماضيه وانجازاته المتواصلة وترجمة صادقة لما وصل اليه من تنمية وتطور في شتى المجالات.
وبين آل الشيخ، أن التراث العمراني صلة بين أجيال المستقبل والقيم التي نشأ عليها اسلافهم وهو وعاء يستوعب تاريخهم ويعبر عن هويتهم الثقافية، والمواءمة بين طموح الانسان وحاجته وبين قدرات المكان وموارده خصوصا أن المملكة تحفل بثراء عمراني تتنوع فيه المعالجات العمرانية تبعاً للاختلافات المكانية والبيئية وتتفق جميعها في التعبير عن توجهات موحدة في المنطلقات وثقافة متوافقة في الأصول والمبادئ.
وأشار وزير الشؤون البلدية والقروية، الى أهم تجربة في العناية بالتراث العمراني والتي تتجسد في العناية الحثيثة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالتراث العمراني والتي بدأت في وقت مبكر من قبل أكثر من 40 عاماً حينما كان أميراً لمنطقة الرياض حينها لم يكن التراث العمراني على قائمة الإهتمامات، حيث اعتنى أيده الله بذلك من خلال البرامج التطويرية لمدينة الرياض كما حدث في تطوير منطقة قصر الحكم والأحياء المجاورة لها الذي استعادت بموجبه المنطقة قيمتها الذاتية والمعنوية كمنطقة تحمل أهمية وطنية خاصة، كما أطلق برنامج تطوير الدرعية التاريخية الذي ساهم في تحويل البلدة القديمة الى مركز ثقافي سياحي ترويجي وذلك انطلاقاً من مقوماتها التاريخية والسياسية والثقافية ودورها الريادي والحضاري كمنطلق للدعوة الإصلاحية ونواة للدولة السعودية.
ثم قام سمو رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني وسمو أمير منطقة القصيم بتدشين مبادرات ومشاريع التراث العمراني في مناطق المملكة والتي بلغت 34 مبادرة ومشروعا.
بعد ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير د. فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة القصيم كلمة اكد فيها ان شعلة العناية بالتراث انطلقت ولن يستطيع احد ان يطفأها.
وقال:" الحمد لله الذي وفقنا للقاء هذا الجمع الكريم ومرحبا بكم جميعا أشقاء وأصدقاء مرحبا بكم في المملكة العربية السعودية وفي منطقة القصيم التي ستعانقكم بكل تاريخها العبق وبتراثها الثري واقتصادها النامي والمزدهر والقوي بإذن الله".
وأضاف:" مرحبا بأول رائد فضاء عربي مسلم حمل راية التوحيد مخترقاً بها الأفلاك مشرفاً بلاده وأمته مرحباً برجل السياحة والتاريخ الرجل الذي أوقد سعلة لن تنطفئ ابدا – بإذن الله – حملها من تخوم الماضي لتضيئ آفاق المستقبل المشرق شعلة إحياء التراث العريق والتاريخ المجيد لهذه البلاد المترامية الأطراف والتي شهدت وعاصرت مختلف الحقب التاريخية المضيئة لهذه الأمة منذ رحلات الشتاء والصيف وحضارات الأنباط ذات التاريخ العريق إلى حضارة النور حضارة الدول والخلافات الإسلامية المتعاقبة إلى الدولة السعودية الأبية والتي نستنشق عبيرها ونتنسم عبق أمجادها العريقة تلك هي بلادنا الحبيبة بكل بقاعها ووديانها وسهولها ".
وتابع سموه :" إنه في ليلة ثلاثية الأبعاد يتعانق فيها التاريخ والإنسان والبيئة مع الحاضر والمستقبل لقد قلتم سموكم وصدقتم القول بأننا لا يمكن إلا أن نكون أوفياء لمواقع التاريخ ولمواقع آبائنا وأجدادنا وتاريخنا ، والإنسان الذي لا يكون وفياً لتاريخه لا يمكن أن يكون وفياً لوطنه ولا يمكن أن يكون مشاركاً حقيقياً في المستقبل ، نعم لقد تعلمنا معنى الوفاء للتاريخ وللآباء وللأجداد لأننا حقاً وبفضل ما تبذلونه من جهود نعيش عصر الانتقال من اندثار التراث العمراني وإهماله إلى الازدهار بكل معنى الكلمة من خلال استعادة تاريخنا وتراثنا الوطني ، فها هي الأحلام تتحقق من خلال الازدهار الاقتصادي الذي تشهده مواقع التراث العمراني والتي تحولت إلى مواقع حية تمارس فيها الحياة كما كانت في ماضيها العريق ، وتمارس فيها الأنشطة المتعددة".
وأكد سمو أمير منطقة القصيم أن هذه الملتقيات مناسبة جميلة تربط المواطنين بتاريخهم وتربطهم عاطفياً بقصص المكان الذي نسجت فيه حكايات التاريخ الذي صنعه آباؤهم وأجدادهم الذين ساهموا في بناء الشخصية الحضارية للإنسان العربي السعودي المسلم ابن البقاع المباركة ، مشيراً إلى أن المسألة ليست محافظة على التراث ، بل هي محافظة على حكاية الوطن التي ترويها هذه الأمكنة التاريخية .
وأوضح سموه أن احتضان القصيم لهذا الملتقى في نسخته الخامسة يؤكد أهمية هذه المنطقة وعمقها التاريخي وما تحتويه من تراث وطني نفخر به جميعاً ، مشيراً إلى أنها فرصة لإبراز هذ المخزون التراثي الذي تزخر به منطقة القصيم وتتشارك فيه مع بقية مناطق المملكة العربية السعودية.
وقال سمو الأمير فيصل بن مشعل في ختام كلمته:" لقد حظي قطاع السياحة والتراث الوطني بدعم واهتمام كبيرين من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ليتمكن من أداء دوره في العناية بالتراث الوطني وترسيخ المواطنة الحقة وليتمكن النشاط السياحي بوصفه قطاعاً اقتصادياً رئيساً يسهم بدور كبير في تنمية جميع مناطق المملكة.
أكرر الترحيب بكم يا صاحب السمو وبكل الأشقاء والأصدقاء الذين نسعد في القصيم أرضاً وإنساناً بتواجدهم بيننا في هذه الأيام الجميلة.
ثم قام سمو رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني وسمو أمير منطقة القصيم بتكريم شركاء الهيئة في تنظيم الملتقى وهم:
كما كرم سموهما المبادرين في مجالات التراث العمراني من القطاع الحكومي والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص.
كما كرم سمو رئيس الهيئة سمو امير منطقة القصيم.
ويتضمن الملتقى عددا كبيرا من الفعاليات والمعارض والأنشطة المتعلقة بالتراث العمراني إضافة إلى الجلسات العلمية وورش العمل، كما يشهد الملتقى إطلاق عدد من المبادرات والمشاريع المرتبطة بالتراث العمراني في منطقة القصيم بشكل خاص والمملكة بشكل عام، إضافة إلى معرض مصاحب يضم عددا من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص والجمعيات والمراكز المهتمة بالتراث العمراني، كما تشهد عدد من المواقع التراثية بالمنطقة فعاليات تراثية منوعة ومعارض للحرف اليدوية، ولوحات فلكلورية وشعبية
يذكر أن ملتقى التراث العمراني الوطني يُعقد سنوياً في إحدى مناطق المملكة بالتعاون مع الأمارات والأمانات والجامعات المحلية.
وقد أقيم في دورته الأولى بمنطقة مكة المكرمة برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، وأقيت الدورة الثانية في المنطقة الشرقية برعاية صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة (سابقا)، وأقيمت الدورة الثالثة في منطقة المدينة المنورة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، فيما أقيمت الدورة الرابعة في منطقة عسير برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة.
وتأتي إقامة هذا الملتقى في إطار تفعيل توصيات المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي نظمته الهيئة بالشراكة مع عدد من الجهات خلال الفترة من 9-14/6/1431هـ تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله.