متابعه – سفاري نت
تحدها الصومال وإثيوبيا وإريتريا، ورغم صغر مساحتها تسعى جيبوتي لتصبح مثالا ناجحا على غرار الإمارات العربية، وتعتبر جيبوتي واحة سلام في جزء من إفريقيا تشوبه أعمال القرصنة وعدم الاستقرار، وهذا الموقع المتميز جعل البلاد موطنا لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في إفريقيا وأكبر منطقة لانتشار الفرق الأجنبية الفرنسية، وهناك حاليا، 53،000 من المدنيين الذين يزورونها كل سنة، وهم غالبا من رجال الأعمال، ولكن كل هذا من المتوقع أن يتغير خلال العقدين القادمين، فهذه البقعة الصغيرة الهادئة أعلنت حلمها وتطلعاتها لتصبح دبي إفريقيا.
دبي إفريقيا على غرار مدينة دبي التي أصبحت جوهرة الخليج العربي تتميز بالمناظر الطبيعية القاحلة الغير الصالحة للزراعة، ولكي تحقق هدفها عليها بالاستفادة من موقعها الاستراتيجي عند مصب خليج عدن، الذي يعتبر الطريق الأكثر رواجا من حيث حركة النقل البحري في العالم لتحويل البلاد إلى مركز للخدمات اللوجستية في المنطقة.
ويركز أربعة عشر مشروعا من مشاريع البنية التحتية، التي تصل إلى أكثر من 14 مليار دولار على توسيع الاتصالات البحرية والجوية والبرية في جيبوتي بحلول عام 2035، والأهم بالنسبة للمسافرين سيكون المطار الجديد، الذي سيفصل بين الاستخدام العسكري والتجاري ولديه القدرة على استقبال 30 مرة أضعاف العدد الحالي من الزوار.
جزيرة lifeBut في جيبوتي لديها الكثير من الموارد الطبيعية والثروات الجيولوجية المذهلة والبحرية والمواقع الثقافية، وتعد 324 كلم من سواحل جيبوتي المدخل إلى البحر الأحمر، وهي وجهة الغواصين وعشاق سمك القرش من أكتوبر إلى فبراير، أما جزيرة Moucha، فهي مذهلة وفارغة نوعا ما حيث يبلغ عدد سكانها 20 فقط، أما جزيرة Maskali، فهي بقعة صغيرة تشتهر بالشعاب المرجانية، وهي وجهة محبي التجديف والشواطئ الرملية البيضاء، بالإضافة إلى الغوص، ولذلك فإن بناء منتجع فاخر في جزيرة Moucha، قد جذب اهتماما متجددا بهذه البقعة الفارغة من الرمل الناعم، وخاصة من قبل الإثيوبيين الذين يتطلعون إلى التمتع بالشاطئ.
كما أن البلاد تزخر بالمشاهد الطبيعية و الثروات الجيولوجية التي تجعلها تنافس المشهد السوريالي في أيسلندا، ومنها بحيرة Assal على بعد 90 كلم جنوب غرب مدينة جيبوتي، وهي واحدة من البحيرات الأقل ارتفاعا في العالم تقع على انخفاض 155M تحت مستوى سطح البحر.
وتعود مشاهد الألوان في هذا المكان إلى التنوع البيولوجي الطبيعي حيث أن الأخضر من الطحالب، والبني من المعادن والأزرق من انعكاسات الشمس والأبيض من الملح، وتعد بحيرة آبي من أجمل مناطق جذب السياحة في جيبوتي، وهي تقع على المنطقة الحدودية من أثيوبيا، وهي بحيرة ذات مياه مالحة تعتبر إحدى البحيرات الستة الموجودة في جيبوتي والمرتبطة مع بعضها البعض من الناحية الجيولوجية، وتلتقي في البحيرة ثلاث أنواع من القشرة الأرضية بما في ذلك الصومالية و العربية و النوبية، كما أنها محاطة بالبراكين الخامدة، ومن المتوقع أن يؤدي انقسام هذه اللوحات الرقيقة الثلاث إلى ظهور محيط جديد سيفضل القرن الإفريقي عن باقي القارة بعد 10 ملايين سنة.
سحب هذه القشرة الأرضية بعيدا يخلق أيضا سلسلة من الظواهر الطبيعية، بما في ذلك الرمال المتحركة المخفية وغليان برك المياه، ولكن أكثر هذه الظاهر غرابة هي المداخن الشاهقة التي يصل ارتفاع بعضها إلى 50 مترا، وهي مصنوعة من الحجر الجيري وودائع من البخار التي أنشأتها الصهارة تحت سطح الأرض بالإضافة إلى البحار الناتج عن العديد من الينابيع الساخنة، ولجعل المشهد أكثر غرابة، تزدحم البحيرة بطيور النحام الوردي التي تتغذى على الطحالب والبكتيريا.
ويأتي الرحل من البدو رفقة قعاطن الأغنام والماعز إلى المراعي الخضراء على حوض البحيرة كل صباح ليعودوا أدراجهم في المساء عندما تنخفض درجة الحرارة، وعندما تتراجع المراعي، يجمعون أثاثهم البسيط وينتقلون إلى موقع جديد.
المساكن خارج المدينة بدائية، وهي في الغالب عبارة عن أكواخ البدو الخالية من الأثاث و التي لا تصلها المياه، وقد بدأت الحكومة بإقامة معسكرات صديقة للبيئة بجانب مناطق الجذب السياحي الرئيسية، وهي تحاكي القباني وهي نوع من الأكواخ التي ينشؤها رجال القبائل حيث أنها مصنوعة من هيكل معدني شبه دائري مغطى بالحصير المنسوج. وتشمل المخيمات الجديدة الكهرباء بالطاقة الشمسية والمياه للاستحمام ومراحيض.
ولا تضم مدينة جيبوتي الكثير من الفنادق الصغيرة، ولكنها توفر خيارات الإقامة الفاخرة حيث أن المطور العقاري نخيل دبي أصحاب المشاريع الضخمة من قبيل النخلة وجزر العالم قامت بتمويل بناء ضخم يضم 300 غرفة وهو فندق “جيبوتي بالاس كمبينسكي”.
الفندق يقع على جزيرة من صنع الإنسان ويضم حمامي سباحة، وقد افتتح في عام 2006، لاستضافة مؤتمر رؤساء دول شرق وجنوب إفريقيا، وكان الفندق الملكية الأولى لكمبينسكي في أفريقيا، وكان من المتوقع أن يساهم في الدفع بآفاق السياحة ونمو الأعمال التجارية في البلاد، ولكنه اليوم أصبح موطنا للجيوش الصغيرة في المدينة التي لا تملك قاعدة مثل إسبانيا أو ألمانيا.
عند الوصول إلى مدينة جيبوتي، ستجد مركزا حضريا يجوب الأطفال و المواشي شوارعه الموحلة، ولكن ما سيلفت انتباهك هو وجود نوعان من الأحياء التاريخية والتراثية، الأحياء الإفريقية و الأوروبية وكلها تقع في وسط المدينة، حيث أن الحي الأوروبي هو مزيج من التراث الفرنسي والعربي، مع العمارة العربية والأقواس المستوحاة من التراث المغاربي، وما زال السكان يتحدثون على نطاق واسع الفرنسية إلى جانب العربية.
ويمكن الوصول الى مدينة جيبوتي، من خلال خط السكك الحديدية الجديد من أديس أبابا، والذي تقرر افتتاحه في عام 2016. وسيكون الخط الكهربائي الجديد الممتد على مسافة 10 ساعات بديلا جيدا للسفر على الطريق الخطرة لمدة يومين التي كان المسافرون برا يضطرون لتحملها في السنوات الأخيرة.
ولابد لزائر جيبوتي من الشجاعة و المغامرة بسبب نقص وسائل النقل وعلامات الطريق العامة إلى المواقع السياحية، وبعد الوصول إلى البلاد يحتاج المسافرون المستقلون إلى استئجار سيارة مع سائق يمكنه شق طريقه دون GPS، كما أن حاويات المياه الزرقاء، التي يتم تجديدها من قبل المنظمات غير الحكومية، هي المصدر الوحيد للمياه لقبائل البدو الذين يعيشون في قرى مؤقتة في الصحراء، أي أن التخبط يعني الموت المؤكد.