سفاري نت – وكالات
وسط السفوح الجبلية البكر وعلى عمق يصل إلى حوالي عشرة أمتار تحت الأرض ومسافة كيلومترات قليلة من بلدة بيت ليد بشمال الضفة الغربية تقع مغارة (هربة الحمام) أو كما يحلو لسكان المنطقة تسميتها (جعيتا فلسطين) حاملة بين صخورها إرثا تراثيا وتاريخيا فريدا.
تمتد المغارة عدة أمتار طولا وعرضا وتتشعب منها ممرات ضيقة تؤدي إلى زوايا معتمة ولا ينتقص من جمال المكان سوى بعض الردم الذي ربما يكشف إزالته عن أسرار أخرى داخل المغارة.
ويمكن وصف النزول إلى المغارة -بوضعها الحالي- بالمغامرة لكنها مغامرة تستحق التجربة لما يمكن مشاهدته في الداخل من أعمدة وشموع صخرية شكلتها قطرات ماء تتدفق عليها بألوان متعددة تنعكس عليها خيوط الشمس المتسللة داخلها من فوهتها الكبيرة.
وللوصول إلى الداخل يعبر الزائر من فتحة ضيقة عبر سلم حديدي يرتفع عدة أمتار ثم يزحف قليلا حتى يصل إلى عمق المغارة لرؤية مناظر خلابة شكلتها مياه الأمطار التي تتدفق إلى داخلها مشكلة العديد من الأشكال الفنية.
واكتسبت المغارة اسم (هربة الحمام) لكثرة الطيور فيها عندما اكتشفها سكان بيت ليد وإن قل وجودها حاليا.
ويقدر عماد الأطرش الباحث البيئي الفلسطيني عمر هذه المغارة بآلاف السنين منوها بأنها يمكن أن تصبح مقصدا سياحيا هاما .
يقول هاني قرارية (42 عاما) أحد سكان القرية والذي تقع المغارة في قطعة أرض تعود لعائلته وتبعد عن بيت ليد عدة كيلومترات "هناك حوض ماء في المغارة تستخدم المياه فيه لعلاج حصر البول. ليس لدي تفسير علمي لذلك ولكن السكان كانوا يستخدمونه حتى وقت قريب وفعلا كان يعالج ربما لأن الماء في الجدول هو خلاصة الأملاح من هذه الصخور."
ويملك قرارية نفس الأمنية في تحويل المغارة إلى منطقة سياحية تجذب زائري الداخل والخارج.
وقال لرويترز خلال جولة في المغارة "وأنا عمري عشر سنين كنت أقعد على باب المغارة وأتخيل كيف ممكن أن نضع درج حديدي والسياح تنزل وتطلع وكنت أتخيل كيف الطريق تفتح والباصات توقف."
وأضاف "ولا زال هذا الحلم موجود عندي أنا واخوتي وأولاد عمومتي أصحاب الأرض."
ولا يقل الطموح العلمي والمجتمعي عن طموح الهيئات الرسمية الفلسطينية التي تقول إنها تدرج المغارة على قائمة أولوياتها.
وقال جهاد ياسين مسؤول المواقع الأثرية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية "لدينا رؤية لتطوير المكان وتهيئته لاستقبال الزوار من خلال تأهيل طريق يصل إليه وعمل مسارات داخلية فيه ونشرات تعريفية فيه.
أضاف هذه المغارة "واحدة من أهم مواقع التراث الطبيعي في فلسطين وكهف تشكل طبيعيا من العصور الجيولوجية القديمة."
لكن ثمة معوقات ترى الوزارة أنها تحول دون تحقيق الآمال المرجوة تتمثل بشكل رئيسي في التمويل ووقوع المغارة في حيز نفوذ السلطات الإسرائيلية
قال ياسين "بالإضافة إلى الحاجة للتمويل للعمل على حماية هذه المواقع وإعادة تأهيلها نواجه مشكلة أخرى في الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي الذي يمنعنا في كثير من الأحيان من وضع لوحات تعريفية بالمكان إذا كان يقع في المنطقة المصنفة (ج)."
والمنطقة (ج) وفق اتفاق السلام الفلسطيني-الإسرائيلي المؤقت تخضع كليا للسيطرة الإسرائيلية وأي عمل فيها يستلزم موافقة تلك السلطات.
وقال "نحاول العمل على تأهيل الموقع للسياحة الداخلية على الأقل في المرحلة الأولى وبكل تأكيد سيكون هذا أحد أهم المواقع الجاذبة للسياحة."
وأشار إلى آن هناك آلاف المواقع التاريخية والتراثية في الأراضي الفلسطينية لكن 60 بالمئة منها تقع داخل المنطقة (ج)
وفقا لرويترز