سفاري نت – متابعات
اعتاد سكان أنافيوتيكا في العاصمة اليونانية إرشاد السياح الذين يضل كثر منهم الدرب لدى صعودهم إلى هضبة أكروبوليس الشهيرة بين الأزقة الضيقة في هذا الحي ذي المباني الصخرية المشيدة وفق الهندسة السيكلادية.
وقد صممت المنازل الصغيرة البيضاء في الحي مع نوافد وأبواب بألوان زاهية على شاكلة البيوت الخاصة ببُناتها في بحر ايجه.
وبُني الحي الهادئ على الجانب الشمالي من التلة المؤدية إلى هضبة أكروبوليس القديمة، كما أن منازله ذات الأسطح القرميدية قديمة بقدم العاصمة اليونانية الحديثة.
ويقول المهندس المعماري بانايوتيس باراسكيفوبولوس وهو من سكان حي بلاكا التاريخي المجاور “تتمتع أنافيوتيكا بقيمة تاريخية حقيقية”.
ويشير إلى أن التجول في هذا الحي الذي تعود هندسة منازله للحضارة السيكلادية “أشبه برحلة في الزمن”.
فعندما أصبح الأمير البافاري أوتو ملكا لليونان في عام 1832، كانت أثينا في حالة خراب بعد حرب الاستقلال التي دامت عشر سنوات ضد السلطنة العثمانية.
ولإعادة أمجاد الأزمنة الغابرة للمدينة وجعلها تستحق بجدارة أن تكون عاصمة للدولة، استقدم الأمير أوتو بنائين معروفين من أنافي إحدى جزر كيكلادس في بحر إيجه، للعمل في ورشة كبرى لإعادة الإعمار.
وشملت هذه المبادرة قصره الجديد الذي بات حاليا مقر البرلمان اليوناني.
وبحثا عن مأوى لإسكان أسرهم، قرر العمال تولي زمام الأمور بأيديهم.
وقد استحدثوا حيا جديدا تشبه منازله تلك المشيدة وفق الهندسة السيكلادية في ديارهم مستغلين أفضل أرض متوفرة في العاصمة تحت هضبة أكروبوليس التي تضم البارثينون ومباني قديمة أخرى.
ورغم الاضطرابات السياسية التي أعقبت إسقاط أوتو في عام 1862 والتوسع الحضري الكبير للمدينة خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، حافظت أنافيوتيكا على طابعها الخاص.
وللمفارقة الساخرة، فإن هذا الحي الذي كان يُعتبر غير قانوني لدى إنشائه بات جزءا من التراث المعماري في أثينا ويحظى بدعم كبير من وزارة الثقافة اليونانية.
في هذا المكان لا إشارات مرورية.. البيوت صغيرة إذ تبلغ مساحة معظمها 50 مترا مربعا وهي محمية بقواعد ترميم صارمة.
ويشير باراسكيفوبولوس إلى أن البنية التحتية لأكثر منازل الحي تبقى “بدائية ولا تتناسب مع المعايير المعاصرة للإيواء، غير أن تمسك السكان وتعلقهم بالحي” يعيقان انهيارها.
وتقول ألكسندرا كاتسوراني المقيمة في الحي والبالغة 30 عاما والعضو في لجنة التراث المحلي “ليس من السهل العيش هنا”.
وتضيف “يجب ألا نلتزم بالأنظمة الصارمة فحسب، بل يجب علينا أيضا أن نبقى متيقظين إزاء الجهود لتأجير منازل المنطقة للسياح عبر تطبيق (اير بي ان بي)”.
حبر على ورق
وزارة الثقافة اليونانية تسعى لتهدئة المخاوف حول هذا الحي وتؤكد أن الاستغلال التجاري للمنطقة عبر إنشاء فنادق أو مطاعم محظور قانونا، لكن سكانا كثيرين يخشون من أن يقع بعض المالكين الجدد في إغراء الاستغلال السياحي لمنازلهم ما يجعل ضمانات السلطات “حبرا على ورق”.
وتذكّر ألكسندرا كاتسوراني بأن “اليونان بأسرها بيعت خلال السنوات الأخيرة”، في إشارة إلى عمليات الخصخصة في مجالات شتى خلال سنوات الأزمة المالية الثماني الأخيرة في إطار الضغوط الممارسة من الجهات الدائنة الدولية على اليونان.