سفاري نت – متابعات
إلى الأرض المباركة شددنا الرحال. كانت رحلة ليلية من مدينة نويبع إلى مدينة سانت كاترين بجنوب سيناء. تلك البقعه المقدسة من ارض الفيروز، فيها الوادى المقدس طوى، وجبل كليم الله موسى، ومنطقة النبى صالح بوادى فيران، ومقام النبى هارون عند وادى الراحة، والشجرة العليقة في دير سانت كاترين وفقا لموقع الرحالة
ما أن وطأت قدماي الوادى المقدس طوى، حتى أطلقت للخيال عنان السفر عبر التاريخ: هنا كلم النبى موسى ربه، وهنا تجلى نور الله للنبى الكليم، وهنا رأى موسى النار فذهب يطلب منها قبساً فنودى أن اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى.
ويعد الوادى المقدس الذى بدل اسمه بوادى الأربعين نسبة الى أربعين قتيلاً من الرومان، حتى يومنا هذا مزاراً لآلاف من السياح من كافة الجنسيات مصريون وعرب وأجانب يأتون ويصعدون جبل موسى للتبارك به والتقاط الصور لحظه شروق الشمس غروبها.
سانت كاترين
كانت رحلة شاقة، فالصعود استغرق خمس ساعات سيراً على الاقدام، ورغم ارتفاعه الشاهق الذى يبلغ 2285 متر، لكن فضولى دفعنى لاستمرار الصعود لكى أرى القمة المقدسة.
الطريق كان ظلامًا دامسا، لم أستطع رؤية ما حولى، لكن النجوم الكثيفة المفترشة فى السماء كانت تضىء طريقى، هى وكشافى الصغير.
أثناء سيرى بالطريق، تخيلت سيدنا موسى وهو يصعد الجبل ليتلقى الألواح من ربه. ورغم تورم قدمى من السير أكثر من سبعة كيلومترات ثم الوصول للسلالم العلوية المؤدية الى قمة الجبل والتى تبلغ 750درجة، إلا أن مشقة وعناء السفر استبدلا بسكينه وطمأنية فور الوصول الى قمة الجبل.
بعد أن التقطت انفاسى من رحلة الصعود، بدأت رحلة أخرى من عالم التأمل مع بدايات لحظات الشروق، لأرى جبال شاهقة تشعرك أنك ترى الله بالسكينة، كما ستصيبك الدهشة وأنت تتأمل المسجد الصغير والكنيسة الصغيرة اللذان يتعانقان على ارتفاع 2285 مترا فوق سطح البحر.
ومن أعلى قمة جبل الطور رأيت جبل التجلى، هو أقل الجبال الموجودة ارتفاعاً وأكثرها تميزاً بلونه الأسود المائل إلى الأخضر الداكن. إنه الجبل الذى تجلى الله عز وجل فأصبح “دكًا” واستحضرت الآية الكريمة: “ربي أرني أنظر إليك قال لن ترانى ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا”.
يا الله ..مشهد عظيم فقد عجزت طاقته البشرية رغم انه بشر ونبى عن استيعاب ما رأى فخر صعقا!.
بعد أن طافت عيناي وعقلي بالمكان، استعديت لرحلة الهبوط من الجبل، وأثناء سيرى وجدت أناسًا يعيشون حياة بدائية للغاية، إنهم بدو سانت كاترين ، منتشرون على الجبل أو حول الدير، بعضهم يقوم ببيع حجر الكريستال أو خرز أبيض رخامى ملون، وبعضهم ينتظر مع جمله لمن يريد التمتع بجولة حول الدير بالجمل، والبعض الآخر يعمل دليلاً للأفواج التى تبحث عن المغامرة فى تسلق جبل موسى او كاترين.
دير سانت كاترين
ويحتضن الوادى المقدس طوى دير وكنيسة سانت كاترين ، وقصة موقع هذا الدير الأثرى الذى يعد مزاراً عالمياً، ترجع الى عام 330 ميلادياً، فقد بنيت كنيسة صغيرة حول الشجرة المباركة، وبعدها أقيم برج للرهبان، وتبارى الحكام المسحيون فى الاهتمام بالمكان. فضاعفوا من مبانيه حتى أصبح دير وكنيسة سانت كاترين مزاراً دينياً وسياحياً عالمياً.
يحتوى الدير على مكتبة بها أكثر من ألفى أيقونة من أندر وأهم الأيقونات فى العالم، والأيقونات هى صور دينية مسيحية.
متحف دير سانت كاترين
ويحتوي متحف دير سانت كاترين على وثيقة هامة يعود تاريخها للعام الهجرى الثانى وهى “وثيقة العهدة المحمدية” التى وقع عليها النبى محمد علية الصلاة والسلام بكفه، والتى كفلت الحماية للدير، وفيها أمان كامل لمسيحيي الدير على أموالهم ومقدساتهم وأملاكهم وحريه العقيدة.
وفى فناء الدير، ستجد الشجرة العليقة المباركة التى اشتعلت بها النيران فاهتدى اليها موسى ليكلم ربه: “وهل أتاك حديث موسى اذ رأى ناراً فقال امكثوا إنى آنست ناراً لعلى آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى”. عندما تقف أمام تلك الشجرة المباركة ستشعر بالطمأنية، فهى شجرة فريدة لم تنبت الأرض مثلها، فقد حاول البعض زرع أغصانها فى اماكن اخرى، فأبت ان تنمو الا فى هذه البقعة المباركة.