سفاري نت – متابعات
تتمتع منطقة القوقاز بكل مقومات السياحة، من طبيعة متنوعة، إلى معالم تاريخية مهمة على المستويين المحلي والعالمي، لذا كانت جديرة بأن تصبح وجهة مهمة للراغبين في تجربة تختلف عن الرحلات التقليدية التي كانت تقتصر على زيارة الشواطئ والجبال أو المعالم الأثرية وفقا لموقع دليل المسافر العربي.
تقع منطقة القوقاز على سلسلة جبال ترتفع قممها عاليا، وتكاد تعانق السماء، تحيط بها وديان سحيقة، بعضها تصعب رؤية قاعه من الأعلى، وبعضها تخفيه السحب تماما، عبرها تتدفق مياه أنهار كثيرة، تشق طريقها من ينابيع طبيعية على السفوح وبحيرات في سهول صغيرة أعلى الجبال الخضراء. وعند السفح ينفتح المشهد على سهول أخرى واسعة تغطيها طبقة من الأعشاب الخضراء، تتلون في الربيع والصيف بزهور ترتبط بالمنطقة.
يُعرف عن قاطني القوقاز إتقانهم السير على الحبال الممتدة فوق الوديان منذ الصغر، وهي مهارة يتوارثونها أبا عن جد، ويتقنها كبيرهم وصغيرهم، رجالا ونساء، فهي وسيلتهم لاختصار المسافات، والانتقال بسرعة إلى القرى المجاورة، بدلا من السير عبر الوديان والطرق الجبلية الوعرة ساعات طويلة، أو النهار كله في بعض الحالات لبلوغ تلك القرى، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية.
عند الحديث عن المواقع السياحية في جمهورية قبردين بلقاريا (أو قبردينو بلقاريا) في روسيا الاتحادية، يشعر المرء بدوار لكثرة تلك المواقع وجمالها، تماما كما يصاب السائح بدوار وهو يستنشق الهواء النقي البارد في جبال القوقاز، وهو يتأمل الطبيعة التي تمتد على طول النظر.
ومن أكثر المواقع التي تتضمن عنصري التشويق والإثارة في قبردين بلقاريا، جبل “إلبروس”، الذي يقع على حدودها مع جورجيا وجمهورية قرشاي. وهو عبارة عن بركان خامد ضمن الأجزاء الغربية من سلسلة جبال القوقاز، وتُعد قمته الأعلى في روسيا وأوروبا، بارتفاع 5642 مترا عن سطح البحر، أي أعلى من قمة “مون بلان” الواقع في سويسرا.
وتغطي الثلوج الكثيفة قمة “إلبروس” طيلة أيام السنة، لذا يجذب آلاف السياح من عشاق التزلج على الثلج سنويا، فضلا عن المغامرين الذين يتسابقون في مهارات التسلق على سفوحه للوصول إلى قمته، وحاليا يشكل هؤلاء نسبة كبرى من زوار المنطقة التي تعد من أفضل المناطق في أوروبا للرياضات الشتوية بمختلف أنواعها.
“إلبروس” ليس مجرد منتجع سياحي شتوي لهواة التزلج، بل عالم فريد من نوعه، يستقبل ضيوفه عند السفح على سهول خضراء تشع بالحياة، ومنها تبدأ الرحلة نحو الأعلى؛ حيث استقرت بعض المنتجعات السياحية عند أكثر من نقطة في الطريق نحو القمة، بعضها صُمم في مقاطع من الجبل مناسبة لممارسة رياضة التزلج على الثلج، للمحترفين والهواة على حد سواء، وبعضها الآخر عبارة عن منازل شتوية كبيرة، يعيش زوراها في عالم يخيم عليه الهدوء، ولا مكان فيه لضجيج المدن وازدحام المرور.
نسمات الهواء العليل التي تدخل الطمأنينة للروح وتحسن الحالة النفسية بفضل الهدوء شبه المطلق في المحيط الممتد بين القمة البيضاء دوما والسهول الخضراء، التي تطل على حواف مجموعة من الوديان، شقتها عبر العصور مياه الثلوج عند ذوبانها.
وضمن سلسلة جبال القوقاز ذاتها في قبردين بلقاريا، ينتظر السياح مغامرات مثيرة في مدينة تشيغيم، المطلة على واد يجتازه نهر يحمل الاسم نفسه، وبفضل تضاريسها، التي تتميز بسهول واسعة جدا تتدرج من أعلى قمم الجبال حتى الأسفل، فضلا عن انتشار الوديان حولها، وجد فيها عُشاق سياحة المغامرات ضالتهم، فهي مناسبة لممارسة هوايات مثل التحليق بواسطة المظلة، أو تسلق الجبال الوعرة والمنحدرات الصخرية، أو حتى العبور من قمة جبل لآخر سيرا على جسر من الحبال، يبدو كأنه سيتهاوى على وقع كل خطوة.
ولجذب مزيد من السياح في ظل التنافس السياحي العالمي، افتتح القائمون على “فلاي تشيغيم” وهو أكبر مجمع خدمات سياحية في المنطقة، مسارا جديدا، أطلق عليه البعض “مسار تدفق الأدرينالين”، لأنه عبارة عن حبل يربط بين طرفي واحد من الوديان السحيقة في المنطقة، يمكن لمن تتوفر لديه الجرأة الكافية والخبرة بذلك، أن يسير عليه ليجتاز المسافة من حافة إلى أخرى على طرفي الوادي.
وتنظم مثل تلك النشاطات بعد توفير كل سُبل الأمان والحماية، ومن تلك الحواف ينطلق كذلك عشاق التحليق بواسطة المظلات أو الطائرات الشراعية بمختلف أنواعها، فضلا عن القفز من حافة الوادي باتجاه الأسفل، أو السقوط من حافة الوادي، لكن بعد الربط بحبل يحول دون الارتطام بالمياه في النهر أسفل الوادي.
ومع إدخال عوامل الجذب السياحي الجديدة، لم تفقد سفوح وقمم وتضاريس جبال ووديان وسهول سلسلة القوقاز جاذبيتها، بل أصبحت مصدرا لأجمل الانطباعات التي يمكن أن تبقى في ذاكرة كل زائر بغض النظر عما يحلم به وطبيعة الإجازة التي كان يتوقعها.