سفاري نت – متابعات
اتفق الاتحاد الأوروبي الجمعة على تشريع غير مسبوق على المستوى العالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي، بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المكثفة بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي، حسبما أعلن المفوض تييري بريتون.
هذا التشريع يمهد الطريق للرقابة القانونية على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي وعدت بتغيير الحياة اليومية، وأثارت تحذيرات من مخاطر وجودية على البشرية.
وتغلب مفاوضون من البرلمان الأوروبي والاتحاد، المكون من 27 دولة، على خلافات كبيرة بشأن نقاط مثيرة للجدل؛ من بينها الذكاء الاصطناعي التوليدي، والاستعانة بالشرطة في تقنيات التعرف على الوجوه، ووقعوا على اتفاق سياسي مبدئي لما يعرف بـ”قانون الذكاء الاصطناعي”.
وكشف الاتحاد أن قانون الذكاء الاصطناعي الجديد، مبادرة تشريعية رائدة تهدف إلى تعزيز تطوير واعتماد الذكاء الاصطناعي “الآمن والموثوق” في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي من قبل الجهات الفاعلة الخاصة والعامة.
وباعتباره أول اقتراح تشريعي من نوعه في العالم، يقول الاتحاد الأوروبي، إنه يسعى إلى أن يسهم القانون الجديد في وضع معيار عالمي لتنظيم الذكاء الاصطناعي في ولايات قضائية أخرى.
وركز المشرعون الأوروبيون على الاستخدامات الأكثر خطورة للذكاء الاصطناعي من قبل الشركات والحكومات، بما في ذلك تلك المستخدمة في إنفاذ القانون وتشغيل الخدمات الحيوية مثل المياه والطاقة.
وستواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل تلك التي تشغل روبوت الدردشة “تشات جي بي تي”، متطلبات شفافية جديدة، كما أن على روبوتات الدردشة والبرامج التي تنشئ صورا متلاعبا بها بها مثل “التزييف العميق” أن توضح أن ما يراه الناس قد تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وفقا لما نقلته نيويورك تايمز عن مسؤولين أوروبيين والمسودات السابقة للقانون.
أبرز بنود التشريع الجديد
ويتمحور هذا التشريع المستقبلي حول عدة تدابير، أبرزها تلك المتعلقة بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ نص على مراقبة جودة البيانات المستخدمة لتطوير الخوارزميات، وضمان عدم انتهاكها لقانون حقوق التأليف والنشر.
ويفرض القانون الجديد، على المطورين الذين يستعلمون تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن يظهروا بوضوح على ابتكاراتهم أنشئت بشكل اصطناعي، إذ يجب مثلا أن يتم الإشارة بوضوح إلى أن الصور المولدة اصطناعيا، تم تطويرها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ومن شأن، هذه الخطوة، أن تساعد على وجه الخصوص في مكافحة الاستخدام الضار لتقنيات “التزييف العميق”، التي تستخدم صور ومقاطع فيديو لأشخاص، بهدف إنشاء صور أو مقاطع “خيالية” بالصوت والصورة، وفقا لموقع “راديو فرانس”.
وبالنسبة لأنواع الذكاء الاصطناعي التي تتفاعل وتتحاور مع البشر (مثل برامج الدردشة الآلية التي توجد الآن بشكل شائع عبر الإنترنت في مواقع الأعمال أو الإدارة)، ينبغي تعريفها بشكل واضح على أنها دردشة آلية، وإعلام المستخدم بشكل منهجي بأنه لا يتحدث إلى إنسان آخر.
أما بالنسبة لأنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدما، فسوف تخضع لقيود معززة. ويتعلق هذا بشكل خاص باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الحساسة، مثل الطاقة و التعليم، أو الموارد البشرية، وإنفاذ القانون.
ويفرض القانون الجديد على هذه المجالات، التأكد من عمل الأنظمة الموجهة لهذا المجال، تحت إشراف بشري عند إنشاء الأنظمة وأيضا نشرها.
وستحتاج الأنظمة الخاصة بهذه المجالات أيضا، إلى تزويد المنظمين بنتائج تقييمات المخاطر، وتفاصيل البيانات المستخدمة لتدريب الأنظمة، وضمانات بأن البرمجيات لن تتسبب في أضرار.
ويشمل القانون الجديد أيضا، تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الحكومات في المراقبة البيومترية من قبل وكالات إنفاذ القانون، حيث ينظم المشروع تقنيات التعرف الآلي على الوجه.
ووضع المشرعون الأوروبيون، مجموعة من الضمانات والاستثناءات الضيقة لاعتماد تقنيات المراقبة البيومترية، من ضمنها بعض الحالات المتعلقة بتحديد هوية شخص يشتبه في ارتكابه إحدى الجرائم المحددة المذكورة في اللائحة (مثل الإرهاب، والاتجار، والاستغلال الجنسي، والقتل، والاختطاف، والاغتصاب، والسطو المسلح، والمشاركة في منظمة إجرامية، والجرائم البيئية).
حظر تطبيقات
وأفاد البرلمان الأوروبي، بأنه اعترافا بالتهديدات المحتملة التي تشكلها بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، على حقوق المواطنين والديمقراطية، وافق المشرعون المشاركون على حظر، نظم التنصيف البيومترية التي تستخدم خصائص حساسة (مثل المعتقدات السياسية والدينية والفلسفية والتوجه الجنسي والعرق).
إضافة إلى التطبيقات التي تعمل على عملية استخراج بيانات صور الوجه من الإنترنت أو لقطات كاميرات المراقبة لإنشاء قواعد بيانات للتعرف على الوجه.
وأيضا التطبيقات التي يمكن أن تكشف عن مشاعر الشخص في مكان عمله أو بالمؤسسات الأخرى.
ويفرض القانون أيضا حظرا على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتلاعب بالسلوك البشري للتحايل على إرادته الحرة، أو التي تستغل نقاط ضعف الأشخاص (بسبب أعمارهم أو إعاقتهم أو وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي).
عقوبات وتحديات
ولضمان تنزيل بنود القانون الجديد، سيكون مكتب الذكاء الاصطناعي الأوروبي مسؤولاً عن القيام بدور “شرطي” الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع، مع توفير وسائل كبيرة للمراقبة والعقوبات.
ويمكن أن تتراوح غرامات خرق القانون بين 7 من إجمالي مبيعات الشركات المطورة عالميا، وما لا يقل عن 35 مليون يورو للجرائم الأكثر خطورة، أو بين 7.5 مليون يورو أو 1.5 من إجمالي المبيعات.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن تنفيذ التشريع الجديد لا يزال غير واضح، حيث سيشمل جهات تنظيمية من 27 دولة عضو بالاتحاد، بالإضافة أنه يتطلب استثمارات مالية مهمة، في وقت لا تزال فيه الميزانيات الحكومية الموجهة للمجال محدودة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه سبق، وأن واجهت تشريعات مماثلة لانتقادات بسبب سوء وعدم تكافؤ تطبيقها ببلدان الاتحاد، كما هو الشأن بالنسبة لقانون الخصوصية الرقمية المعروف باسم اللائحة العامة لحماية البيانات.