سفاري نت – متابعات
تُظهِرُ الصورُ العائدةُ لجزيرة “كوه ياو ياي Ko Yao Yai” في تايلاند جمالَ الوجهةِ، وطبيعتَها الخلَّابةِ، إذ تتعانقُ فيها درجاتُ الأزرقِ والأخضرِ والترابي. ويسمحُ قضاءُ إجازةٍ في المكانِ بالكشفِ عن سرِّ روعته، وعيشِ تجربةٍ مريحةٍ، والتعرُّفِ على السكانِ المحليين الذين كلَّما ابتسموا في وجهكَ، قرَّبوكَ أكثرَ من ثقافتهم نقلا عن موقع سيدتي نت.
قبل السفرِ إلى جزيرة “كوه ياو ياي”، فكَّرتُ طويلاً بوقتِ الرحلةِ، التي تستغرقُ نحو 11 ساعةً من بيروت، العاصمةِ اللبنانيَّةِ، إلى مدينةِ بوكيت، وما تتطلَّبه من توقُّفٍ في مطاراتٍ عدة، لكنْ عناءُ السفرِ سرعانَ ما فارقني عند الوصولِ، فأشعةُ الشمسِ كانت تتهادى على جبهتي، ورؤيةُ ابتسامةِ المحليين أشعرتني وكلّ الزائرين بالألفةِ.
للإقامةِ، قصدتُ منتجعَ “أنانتارا كوه ياو ياي”، الذي افتتح أبوابَه العامَ الماضي 2023. يتطلَّبُ بلوغُ المكانِ من بوكيت نحو 35 دقيقةً بالقاربِ، وعند الانطلاقِ من هذه المدينةِ، تسمحُ الرحلةُ القصيرةُ بتأمُّلِ البحرِ وجماله، بينما تستمتعُ عند الوصولِ بطريقةِ ترحيبِ المنتجعِ بالزائرين عبر الرقصاتِ التقليديَّةِ، وتقديمِ أطواقٍ من الياسمين من أجل تزيين المعصمِ بها.
الفخامة الهادئة
في منتجعِ وفللِ “أنانتارا كوه ياو ياي”، يجدُ الزائرون، أزواجاً كانوا أو عائلاتٍ، ملاذاً وسطَ الطبيعةِ الساحرةِ. يتألَّفُ المكانُ من أجنحةٍ وفللٍ و”بنتهاوس”، يبلغُ عددها 148، تطلُّ على الطبيعةِ المحيطةِ والشاطئ. هناك، يشيعُ التصميمُ الداخلي العصري، المُراعي للبيئةِ من خلال الموادِّ المستخدمةِ والمطعَّم بلمساتٍ من التراث التايلاندي، إحساساً بالراحةِ والفسحة. والواضحُ أن الفخامةَ الهادئةَ، التي تصفُ المنتجعَ، تقطعُ أي صلةٍ بالبهرجة.
تتعدَّدُ كذلك خياراتُ الإقامةِ في المكانِ. للعائلات مثلاً، تبدو الأجنحةُ المزوَّدةُ بـ ترَّاساتٍ” ومسابحَ خاصَّةٍ مناسبةً جداً.
تمتدّ الفيلا الشاطئية المزوّدة بمسبح والمؤلفة من غرفتَي نوم على مساحة 300 متر مربع، وتُعدّ الأكبر في المنتجع.
تبلغُ مساحةُ جناحِ “الديلوكس” المطلِّ على البحرِ 90 متراً مربعاً، ويضمُّ منطقةَ معيشةٍ واسعةً، وشرفةً خاصَّةً. أمَّا مساحةُ الواحدةِ من شققِ الـ “بنتهاوس” الثماني المطلَّةِ على البحرِ، فتمتد على مساحة 366 متراً مربعاً. فلل العافية بدورها تعد الضيوف بتجربة مجدّدة للحيوية والطاقة وتتيح لهم فرصة التواصل مع أنفسهم على مستوى عميق، بدءاً من المشاركة بجلسات اليوغا والتأمّل بجانب مسبح خاص وصولاً إلى ممارسة الرياضة مع مدرّب متمرّس، من دون أن ننسى مساحات السبا والعافية الخاصة داخل الفلل.
المطبخ التايلاندي
في المنتجعِ، يمكنُ الاختيارُ بين ثلاثةِ مطاعمَ، هي:
مطعمُ الشاطئ، ويقدِّمُ مأكولاتٍ بحريَّةً طازجةً، مع خياراتٍ واسعةٍ من صيدِ اليوم، إضافةً إلى السوشي، وأطباقٍ رائعةٍ من اللحم.
استراحة “باكارانج”، وتزخرُ لائحةُ الطعامِ فيه بأطباقٍ تايلانديَّةٍ معاصرةٍ، إلى جانبِ أطباقِ الفطورِ العالميَّةِ المفضَّلة.
مطعم “أوماكازي”، يقصده محبُّو الأطباقِ اليابانيَّةِ، التقليديَّةِ والحديثةِ، مع إطلالاتٍ بانوراميَّةٍ على المحيط.
جديرٌ بالذكرِ، أن المطبخَ التايلاندي غني بالأطباقِ البحريَّةِ، لكنْ، وللذين لا يفضِّلون ثمارَ البحرِ، هناك عديدٌ من صنوفِ اللحومِ الحمراءِ والدجاجِ، التي تُطهى على الطريقةِ التايلانديَّةِ. ثمَّة كذلك وجبةٌ محليَّةٌ جديرةٌ بالتذوُّقِ، وهي الأرز اللزجُ مع الدجاجِ المشوي على الفحمِ، وتقدَّمُ مع “سلطةِ البابايا الحارَّةِ”، وصلصةِ التغميس. يأكل المحليون الأطباقَ الثلاثةَ معاً، ويُطلقون عليها اسمَ “كاي يانج، سوم تام، خاو نيو”. أيضاً يمكنُ في المنتجعِ تذوُّقُ وجباتٍ، تنتمي إلى مطابخَ عالميَّةٍ. ولا تفوِّت كذلك تجربةَ الحلوياتِ المحليَّة اللذيذة، التي يُشكِّلُ الأرز أساسها، لا سيما “مانجو ستكي رايس”، و”سلطة جوز الهند مع الآيسكريم التايلاندية”.
وللفواكه الاستوائيَّةِ طعمٌ طيِّبٌ، فالمانجوستين منعشةٌ وغنيَّةٌ بمضاداتِ الأكسدةِ، والدوريان يمكنُ تناولها طازجةً، أو مدمجةً بالآيسكريم، أو المعجنات. أمَّا البوملي فثمرةٌ رائعةٌ، وتستخدمُ على نطاقٍ واسعٍ في “السلطات”، بينما يشبه طعمُ الرامبوتان الليتشيه مع نكهةٍ حلوةٍ وحامضةٍ قليلاً.
تجربة السبا
يضم سبا أنانتارا 5 غرف علاجية مقسمة بين أجنحة فردية ومزدوجة، ويقدّم باقة واسعة من العلاجات التي تشمل جلسات التدليك وتقاليد العافية العريقة والعلاجات والعادات المنعشة والمصممة لتنقية الجسم من السموم وإعادة التوازن والطاقة إليه. جوٍّ يلفُّه الهدوء، وعلى إيقاعِ موسيقى مريحةٍ للأعصاب، وإضاءةٍ خافتةٍ، حظيتُ بجلسةِ تدليكٍ لمدة ساعةٍ، وكم تمنَّيتُ خلالها ألَّا تنتهي لبراعةِ المتخصِّصةِ التي تقدِّمها. التدليكُ التايلاندي، المعروفُ بـ “التقليدي”، يركزُ على الضغطِ، والدحرجةِ، والعصرِ، والثني، والسحبِ، وهو عريقٌ، ويرتبطُ بسماتٍ مشتركةٍ مع التدليكِ الهندي.
يرجعُ تاريخُ التدليكِ التايلاندي إلى عصورٍ قديمةٍ، ويُطبَّقُ لجعلِ الجسمِ يسترخي، ومداواةِ الآلامِ وبعض أعراضِ الأمراض. تنتقلُ أصولُ التدليكِ التايلاندي من جيلٍ إلى آخرَ، وهو نتيجةُ تراكمٍ معرفي متفاوتٍ من البسيطِ إلى المعقَّد.
نشاطات في “كوه ياو ياي”
مهما كتبتُ عن رحلتي إلى “كوه ياو ياي”، هذه الجزيرةُ الكبيرةُ الواقعةُ قُبالةَ شاطئ بوكيت، إلى جوارِ الجزيرةِ الشقيقةِ “كوه ياو نوي”، و”يعني ياي الكبير، ونوي الصغير بالتايلانديَّة”، لا يمكنني إيفاءُ الجمالِ الطبيعي حقَّه، فبين نخيلِ جوزِ الهند، ومزارعِ المطاط، تتوزَّعُ قرى الصيدِ التقليديَّة، والمطاعمُ المحليَّة، وكثيرٌ من الشواطئ ذات الرمالِ البيضاء.
التنقُّلُ بين الجزرِ سهلٌ عبر القواربِ التقليديَّةِ طويلةِ الذيولِ، مع رؤيةِ القناديلِ البيضاءِ والحمراءِ على مسافةٍ قريبةٍ من سطحِ البحر.
خلال الجولةِ في الجزرِ المجاورة، لفتني حضورُ الأرجوحةِ على كلّ شاطئٍ، ما يجذبُ لالتقاطِ الصور. في هذا الإطارِ، تعدُّ جزيرةُ “هونج” الهادئةُ مسكناً للقردة. إلى ذلك، أنصحُ الزوجين بالقيامِ برحلةٍ بحريَّةٍ على متنِ قاربٍ طويلِ الذيلِ إلى ضفةٍ رمليَّةٍ طبيعيَّةٍ لتناولِ العشاءِ على ضوءِ الشموعِ عند غروبِ الشمس.
في يومٍ ثانٍ، حظيتُ بفرصةِ استكشافِ “كوه ياو ياي” عبر درّاجة كلاسيكية مزوّدة بمقعد جانبي، والتقيتُ سكانَ الجزيرةِ الودودين. هؤلاء يُلقون التحيَّة على كل مارٍ، ويعيشون في بيوتٍ متواضعةٍ، ويخلعون أحذيتهم قبل دخولها.
من بين النشاطاتِ الجديرةِ بالتجربةِ على الجزيرةِ فرصةُ تعلُّمِ الرسمِ على “الباتيك”، أي الرسم والتلوين على الأقمشةِ بالشمعِ باستخدامِ أدواتٍ خاصَّةٍ. كانت المحاولةُ فرصةً لي لتهدئةِ الروحِ والعقلِ، والانفصالِ عن الواقعِ بعضَ الوقتِ. وفي رحلةِ “الكروز” عند الغروبِ، تخلدُ لوحةُ الألوانِ الناريَّةِ في الذاكرةِ.
تكثرُ النشاطاتُ المسلِّيةُ للأطفال، لا سيما السباحة في مسبح الفقاعات المزوّد بنافورة دائريّة الشكل أو التزحلق على المنزلق المائي، كما التمرّن على الرقص داخل الاستوديو والمشاركة في مشاريع إعادة التدوير وزراعة شجر القرم وصفوف الطبخ والتنزّه في الطبيعة. وللفئة الأكبر سنّاً، تحلو ممارسة يوغا الأطفال.