سفاري نت – متابعات
أعلنت «غوغل»، أمس، عن أحدث ابتكاراتها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يُتوقع أن تُحدث تغييراً في يوميات مستخدميها، من البحث عبر الإنترنت إلى الكثير من المهام اليومية، بفضل أدواتِ مساعَدَة تتمتع بقدرات معرفية متزايدة.
واعتبر الرئيس التنفيذي لمجموعة «غوغل»، سوندار بيتشاي، من على خشبة المسرح في مدرج الشركة المفتوح في ماونتن فيو (ولاية كاليفورنيا)، أن «التحوّل الأكثر إثارة هو البحث التوليدي عبر الإنترنت بواسطة غوغل».
وكانت «غوغل» عاكفة منذ عام على إجراء اختبارات لمحركها للبحث القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، أي إنتاج المحتوى بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية.
وبعد أن يكتب المستخدم طلبَه، يتلقى في الجزء العلوي من صفحة النتائج إجابة يولّدها برنامج «غوغل» للذكاء الاصطناعي «جيميناي»، ويستطيع بعد ذلك النقر على أسئلة مقترحة، أو في الأسفل، على روابط إلى مواقع إلكترونية.
وأكد بيتشاي أن التغييرات تتيح للمستخدمين إجراء «المزيد من عمليات البحث» وتجعلهم «راضين أكثر» عن النتائج.
ومن المقرر أن تصبح الصيغة الجديدة، وهي التحول الأكثر أهمية لمحرّك «غوغل» للبحث منذ إنشائه، متوافرة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، ثم في بلدان أخرى، بحيث تتاح لأكثر من مليار مستخدم بحلول نهاية سنة 2024.
وتهيمن «غوغل» على عمليات البحث على الإنترنت، بحيث أصبح اسمها مرادفاً لهذه العمليات. لكنّ ظهور «تشات جي بي تي» وغيره من برامج المحادثة الآلية القادرة على الإجابة عن أسئلة المستخدمين بات يهدد إمبراطوريتها.
البحث التقليدي في خطر
وتشهد سيليكون فالي تنافساً محموماً بين شركات التكنولوجيا على ابتكار أدوات جديدة وبرامج محادثة افتراضية تتيح الالتفاف على الشركة التي تتبوأ الصدارة عالمياً في مجال الإعلان الرقمي.
فعلى «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» مثلاً، يستطيع المستخدمون طرح الأسئلة على برنامج «ميتا إيه آي» المتصل بالإنترنت.
ونتيجة لذلك، توقعت شركة «غارتنر» الاستشارية الأمريكية أن ينخفض حجم الاستفسارات عبر محركات البحث التقليدية بنسبة 25 في المئة بحلول سنة 2026.
وانتقلت المعركة تالياً إلى أدوات المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تتطور قدراتها باستمرار بفضل التقدم في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية.
فالنموذج الاساسي لشركة «غوغل»، وهو «جيميناي 1,5 برو»، بات مثلاً قادراً على استيعاب حجم متزايد من معلومات السياق التي يوفرها المستخدم (تقارير من مئات الصفحات، ومقاطع فيديو أطول، وغير ذلك) واستيعاب مختلف التنسيقات، إذ يستطيع البرنامج «فهم» النصوص والمواد الصوتية والصور، ويمكنه الإجابة بالنص أو بالصوت أو بتوليد الصور.
وابتكر مختبر «غوغل ديب مايند» للأبحاث نماذج جديدة أخرى على غرار «جيميناي 1,5 فلاش» (أسرع وأقل تكلفة) و«إيماجن 3» (توليد الصور) و«فيو» (توليد مواد الفيديو، وهو قطاع مزدهر).
وتوقع سوندار بيتشاي أن تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي على المدى البعيد «أنظمة ذكية قادرة على التفكير والتخطيط وحفظ المعلومات واستباق الخطوات واستخدام البرامج لإنجاز الأشياء نيابة عن المستخدم وتحت إشرافه».
أدوات مساعدة مكيّفة لكل مستخدم
وتتمتع «غوغل» بوضع مثالي يتيح لها ترجمة هذه الرؤية بصورة ملموسة، إذ حققت عام 2023 أرباحاً بـ74 مليار دولار، وخدماتها حاضرة في يوميات الكثير من الناس قي كل مكان، ومنها مثلاً «جي مايل»، و«غوغل مابس»، و«أندرويد»، و«يوتيوب».
وفي تطبيق «جيميناي» للهواتف المحمولة، يمكن للمستخدمين إجراء محادثة مع البرنامج «كصديق»، وسيتاح لهم قريباً إنشاء أدوات مساعدة شخصية مكيّفة خصيصاً لاحتياجاتهم، مثل طاهٍ شخصي أو مدرب يوغا.
وتم أيضاً دمج «جيميناي» مباشرةً في نظام تشغيل «غوغل» للهواتف المحمولة «أندرويد».
وبالتالي قد يتدخل البرنامج في أي وقت لتوقع احتياجات المستخدم، خلال مكالمة مثلاً، أو للإبلاغ عن احتيال محتمل، أو في الرسائل لإنشاء إجابات.
ومن المفترض أن يؤدي التقدم الذي أحرزه مشروع «بروجكت أسترا»، وهو نموذج أولي لعنصر ذكاء اصطناعي، إلى إثراء هذه التجارب.
وعرض مختبر «غوغل ديب مايند» شريط فيديو يظهر فيه مستخدم يوجه كاميرا هاتفه الذكي – أو نظارته المزودة بكاميرا مدمجة – إلى محيطه، ويسأل برنامج الذكاء الاصطناعي، فيحدد المكان الذي يوجد فيه، ويحل مشكلة حاسوبية اعتماداً على رسم تخطيطي، ويتذكر المكان الذي وضع فيه غرضاً.
وأعلنت شركة «أوبن إيه آي»، أول من أمس، نسخة جديدة من «تشات جي بي تي» الذي كان باكورة ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وفي عرض تقديمي مماثل بالفيديو، نجح «تشات جي بي تي» في قراءة مشاعر المستخدمين على وجوههم عبر كاميرا الهاتف الذكي، كما قدّم لهم توجيهات خلال تمارين التنفس، وتلا على مسامعهم قصة وساعدهم في حل مسألة رياضية. والأهمّ أنه في إمكان المستخدمين مقاطعة البرنامج في أي وقت بسهولة.
وتوجهت البرمجية إلى مهندس في «أوبن إيه آي» بالقول: «تبدو سعيداً. هل تريد أن تخبرني عن سبب المزاج الإيجابي هذا؟»، فأجاب المهندس بأنه يخبر الجمهور عن مدى «فائدتها وروعتها»، لترد عليه البرمجية: «توقف، أنت تجعلني أحمرّ خجلاً».