الرياض – سفاري نت
منذ اللحظة التي خطونا فيها إلى داخل المطعم، شعرنا وكأننا عبرنا بوابة صغيرة إلى عالم آخر — عالم تنساب فيه الأضواء الناعمة على الجدران البيضاء ، ويتردّد فيه صدى موسيقى يونانية هادئة تشبه صوت الأمواج وهي تلامس الصخور.
المكان بحدّ ذاته تحفة فنية. تصميمه منح المطعم دفئًا وألفة. الإطلالة من الطابق المطل على طريق الملك فهد تضيف بُعدًا ساحرًا، خصوصًا عند حلول المساء حين تنعكس أضواء المدينة على الزجاج، لتبدو وكأنها لوحة متحركة من النور والسكينة.
البوفيه البحري المفتوح — وليمة متوسطية بكل معنى الكلمة
كان الحدث الرئيس هو البوفيه المفتوح للمأكولات البحرية الذي قدّمه المطعم مساءً، والذي يُعدّ من أكثر التجارب تميزًا في الرياض لمحبي البحر ونكهاته.
تبدأ الرحلة من ركن السوشي، حيث يقف طاهٍ بابتسامة واثقة. بعدها تنقلك الخطوات إلى ركن المحار الطازج والجمبري البارد، ثم إلى الأطباق الساخنة التي تتنوّع بين السمك المشوي بصلصة الليمون والأعشاب، والكاليماري المقلي المقرمش، والجمبري بالزبدة والثوم، وطبق الأرز البحري الذي تفوح منه رائحة البحر والزيتون.
لكن المفاجأة الحقيقية كانت في الطعم — نكهات متوازنة لا تُرهق الحواس، بل تُدللها. كل لقمة تشعرك أنك على شاطئ يوناني هادئ، تتهادى فيه الأطباق على نغمة البحر الأبيض المتوسط.
اللحم الطري للأسماك، التتبيلات البسيطة، استخدام زيت الزيتون البكر والأعشاب الطازجة، كلها تفاصيل صغيرة صنعت فرقًا كبيرًا.
بين النكهات واللحظات
ما أحببته أكثر هو الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة — الطاولة المزينة ، الخبز الدافئ الذي يُقدّم مع صلصة الزيتون والأعشاب قبل الوجبة، وطريقة تقديم الأطباق بروح فنية تجمع بين البساطة والأناقة.
حتى الأطباق الزجاجية والديكور الخشبي كانا امتدادًا لروح المكان، ليشعراك أنك في ضيافة البحر لا في مطعم فندق.
الفريق العامل ودود للغاية، حريص على راحة الزبائن، يسألون بابتسامة صادقة إن كان كل شيء على ما يرام، ويعرضون اقتراحاتهم بلطف دون مبالغة. هذا النوع من الخدمة الهادئة هو ما يجعل التجربة مريحة وممتعة في آن واحد.
وختام التجربة… حلا يوناني لا يُنسى
في نهاية الرحلة، كان لا بد من المرور على ركن الحلويات الذي يقدّم مزيجًا بين المذاقات الشرقية والمتوسطية.
تذوّقت البقلاوة اليونانية بالعسل والفستق التي كانت دافئة ولينة تمامًا كما يجب، وكعكة الليمون التي توازن بين الحموضة والنعومة، إضافة إلى موس الشوكولاته الذي يُذيب التعب في لحظة.
كل صنف منها كان كأنه تحية وداع من الشيف — لطيفة، عذبة، وأنيقة.
انطباع أخير
غادرت “باريا” وأنا أشعر أنني لم أتناول الطعام فقط، بل عشت تجربة متكاملة — من الموسيقى إلى الألوان إلى الأطباق التي تُحدّثك بلغتها الخاصة.
هو المكان المثالي لمن يبحث عن مساء مختلف في الرياض، يجمع بين الفخامة والدفء، بين نكهات البحر وأناقة المدينة.
سواء كنت من عشّاق المأكولات البحرية أو من محبّي التفاصيل الجميلة، فإن باريا Paria في فندق هيلتون الرياض – العليا هو وجهة تستحق أن تُكتب عنها القصائد وتُعاد زيارتها مرارًا.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.