السعودية تنشئ أطول ناطحة سحاب في العالم بارتفاع 1000 متر
السعودية – سفاري نت
منذ الإعلان عن مشروع برج جدة عام 2008، وُضع حجر الأساس لحلمٍ هندسيٍ تجاوز حدود الخيال المعماري.
بدأ التنفيذ الفعلي في أبريل 2013، حيث استغرقت مرحلة تأسيس الهيكل الخرساني الضخم أكثر من عام كامل لتشكّل قاعدة صلبة لهذا الصرح الطموح، الذي يسعى إلى ملامسة السحاب واعتلاء قمّة المعمار العالمي.
وفي سبتمبر 2014، انطلقت أعمال البناء فوق الأرض، ليبدأ البرج رحلة صعوده التدريجية نحو الألف متر.
كان من المقرر أن يكتمل المشروع ويُفتتح مطلع عام 2022، إلا أن الظروف التقنية وجائحة كوفيد-19 أبطأت وتيرة التنفيذ وأجّلت الافتتاح.
وفي يناير 2025، أعلنت المملكة رسميًا استئناف العمل في مشروع “برج جدة”، في خطوةٍ أعادت الزخم إلى أحد أكثر المشاريع طموحًا في تاريخ العمارة الحديثة.
فبرج جدة لا يقتصر على كونه أعلى برج في العالم عند اكتماله، بل يُعد رمزًا لطموح سعودي يتجاوز حدود المعمار نحو آفاق الريادة التقنية والاستثمارية والحضرية.

31 شهرًا .. سباق مع الزمن
في سباقٍ مع الزمن، يمضي مشروع برج جدة بخطى ثابتة ومدروسة تُنفَّذ بإيقاعٍ متسارع، إذ يتم إنجاز طابق جديد كل 4 أيام ضمن الجدول الزمني المحدد لاستكمال البرج خلال 42 شهراً، أي ما يعادل ثلاث سنوات ونصف.
استؤنف العمل في يناير 2025 بعد توقيع عقد بقيمة 8 مليارات ريال سعودي مع مجموعة بن لادن السعودية لاستكمال الأعمال الإنشائية، في خطوةٍ تعكس عودة الزخم إلى المشروع بعد سنوات من التوقف.
واليوم، وبعد مرور 10 أشهر فقط على استئناف العمل، يواصل البرج صعوده بثبات نحو الألف متر التي ستجعل منه الأعلى في العالم عند اكتماله.
ومن المتوقع انتهاء الأعمال الإنشائية بحلول عام 2028، ليشكّل البرج علامة فارقة على خريطة التنمية الحضرية في المملكة والمنطقة العربية بأسرها.
تجدر الإشارة إلى أن برج خليفة في دبي، البالغ ارتفاعه 825 متراً، يحتفظ حالياً بلقب أعلى برج في العالم، وقد شيدته شركة إعمار العقارية.

أيقونة الاستدامة والابتكار
يرتفع برج جدة شاهقاً في سماء المدينة ليكون أيقونة عمرانية عالمية تجمع بين الرفاهية والابتكار، إذ يضم وحدات سكنية فاخرة ومساحات تجارية راقية، إلى جانب فندق “فور سيزونز” ومنصة مراقبة تمنح زوارها إطلالة استثنائية على البحر الأحمر وملامح جدة المتجددة.
ولا يقتصر المشروع على روعة التصميم فحسب، بل يجسد فلسفة التحول العمراني في السعودية ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى بناء مدن ذكية مستدامة تعزز جودة الحياة وتدعم تنويع الاقتصاد الوطني.
إن برج جدة ليس مجرد مبنى، بل رمز لعصرٍ جديدٍ من التنمية السعودية، وموطنٌ لفرصٍ استثمارية ووظيفية ضخمة تمتد آثارها إلى ما بعد اكتمال المشروع.
ومن المرتقب أن تكون ناطحة سحاب جدة من أكثر المشروعات استدامة على مستوى العالم، إذ صُممت لتوفّر الطاقة والهواء والمياه باستخدام أحدث تقنيات الطاقة المتجددة. كما يعتمد البرج على أنظمة تكييف ذكية لتقليل استهلاك الطاقة، ونظام تحلية مياه متطور يُستخدم لريّ الحدائق، بما يحقق أعلى معايير الاستدامة والابتكار العمراني.
ويُشيّد البرج وفق تصميم هندسي مقاوم للرياح يقلّل من تأثير الأحمال الهوائية على الهيكل، مما يعزز استقراره وسلامته الإنشائية. كما يضم شبكة متطورة من المصاعد والسلالم الكهربائية تشمل 59 مصعداً و12 سلماً كهربائياً، منها خمسة مصاعد مزدوجة الطوابق لتسهيل حركة الزوار والمقيمين بكفاءة عالية وسرعة فائقة.
1.2 مليار دولار لبناء لبلوغ المستقبل
تُقدَّر التكلفة الإجمالية لمشروع برج جدة بنحو 1.2 مليار دولار أمريكي، ليكون بذلك أحد أضخم المشاريع العمرانية المنفردة في العالم.
ويُعد برج جدة جزءًا من مشروع “مدينة جدة الاقتصادية”، الذي تصل تكلفته الإجمالية إلى 20 مليار دولار أمريكي، ضمن رؤية متكاملة تهدف إلى تحويل الساحل الغربي للمملكة إلى مركز اقتصادي عالمي جديد.
ويمتد المشروع برمّته ضمن خطة استراتيجية لبناء مدينة ذكية ومستدامة، تُجسّد مزيجًا فريدًا من الفخامة العمرانية والريادة الاقتصادية والاستثمار في المستقبل.
ولعل برج جدة ليس مجرد صرحٍ شاهقٍ بارتفاع ألف متر، بل هو تجسيدٌ ملموسٌ للطموح السعودي الذي يصعد بثقة من الأرض حتى السماء.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.