سفاري نت – متابعات
لا تعتبر جزيرة بورتوريكو وجهة سياحية رخيصة، ولكنها وجهة تستحق الزيارة لأنها واحدة من أجمل جزر الكاريبي.
فحينما يحل الغسق على بلدة فاخاردو الواقعة في الطرف الشمالي الشرقي لبورتوريكو، تنطلق قافلة لقوارب الكاياك الخاصة بالتجديف، من الشاطئ الرملي، لتتحرك بهدوء ناحية غابات المنجروف الحالكة.
وينادي المرشد السياحي، نويل كروز، من بعيد قائلا: “واحد تلو الآخر”. ويتمتع محترف رياضة التجديف بقوارب الكاياك، بصوت قوي عادة ما يكون مطلوبا في القناة الضيقة والمتعرجة، الممتدة بطول كيلومترين، والمؤدية إلى منطقة “لاجونا جراندي”.
ويطلق السكان المحليون الذين يتحدثون باللغة الإسبانية على وطنهم بفخر اسم، “إيسلا ديل إنكانتو” (وتعني جزيرة السحر)DVERTISI
ويبدو بالفعل أن هناك “سحرا” طبيعيا في هذه الجزيرة، ببحيراتها المضيئة، وشواطئها الخيالية، وأشجارها العملاقة العتيقة الموجودة في غابة “إل يونكي” المطيرة، موطن الضفادع القزمية الصغيرة التي يبلغ حجمها حجم ظفر الأصبع.
سحر الجزيرة
ومع ذلك، فإن سحر هذه الجزيرة هو الذي تسبب أيضا في هلاك أولئك الذين كانوا يعيشون عليها قبل زمن بعيد. فقد أطلق الفاتح خوان بونسي دي ليون، وقائده كريستوفر كولومبوس اسم “الميناء الغني” على بورتوريكو عندما سيطروا على الجزيرة المستطيلة لصالح “تاج قشتالة” في عام 1493.
وبعد أن تعرضوا لتهديدات من جانب قبائل الكاريب المحاربة، كان سكان “تاينو” المحليون يأملون في أن يقدم الغرباء تعزيزات لهم، ورحبوا بهم بأذرع مفتوحة، ولكن بدلا من ذلك، أدى إجبارهم على العمل القسري، وانتشار الأمراض بينهم، إلى التعجيل بفنائهم.
وتم إعادة إنشاء أكواخهم المصنوعة من القش، في المتحف الأثري الذي تم إقامته في مكان مفتوح ويحمل اسم “ثينترو ثيريمونيال إنديخينا” (أي مركز إحياء ذكرى السكان الأصليين)، ولم يترك السكان الأصليون من ذكراهم سوى بعض الكلمات التي يتم استخدامها اليوم، مثل “هاريكان” (وتعني الإعصار) و”كانوه” (وتعني الزورق) و”كورن” (وتعني الذرة).
وقام الأسياد الاستعماريون باستقدام عمالة جديدة في صورة عبيد من غرب أفريقيا، للعمل في مزارعهم التي كانت تضم زراعات للتبغ والبن وقصب السكر.
حماية إسبانية
وقام الإسبان بحماية “الجزيرة الكنز” الخاصة بهم، من خلال بناء حصون حجرية ضخمة مثل “قلعة سان فيليبي ديل مورو” التي بدأت أعمال البناء الخاصة بها في عام 1539، وامتدت على مدار الـ250 عاما التالية، حيث بلغ ارتفاع الحصن إلى ستة طوابق، بجدران يبلغ سمكها متر كامل، وغرف حراسة دائرية، ومنارة ومتاهة من الأنفاق المتشابكة والثكنات.
وتعد القلعة اليوم أحد مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة التربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، ونصبا تذكاريا وطنيا تم إعادة ترميمه بعناية، وبتمويل أمريكي. واضطر الإسبان إلى تسليم جزيرتهم في عام 1898، بعد أن خسروا الحرب الإسبانية الأمريكية، وصارت بورتوريكو منذ ذلك الحين، تابعة للأراضي الأمريكية.
وتقول مارجريتا باستور إن أفضل وصف للجزيرة هو أنها “أقدم مستعمرة في العالم”. وقد قامت باستور بالاشتراك مع زوجها إيدي، بافتتاح “كاسا سول” الذي يتميز بطقسه المشمس، في عام 2013، بوصفه أول مبنى للمبيت والإفطار تتم إقامته في الجزء التاريخي من العاصمة سان خوان
تمويل أمريكي
وبفضل التمويل الأمريكي، تعد بورتوريكو الغنية نسبيا، وجهة آمنة تضم بنية تحتية جيدة، في منطقة غالبا ما تتسم بأنها غير مستقرة. ومع ذلك فإن المواطنين هناك أفقر ممن يعيشون في البر الرئيسي. ويشعر الكثير من مواطني بورتوريكو بأنهم مواطنون أمريكيون من الدرجة الثانية، بسبب عدم تمتعهم بحقوق للتصويت في الانتخابات، خصوصا أيضا عندما يحصلون على قدر غير كاف من المساعدات الإنسانية بعد أن يتعرضوا لكوارث طبيعية، مثل تعرضهم لإعصار ماريا في عام 2017.
وتعد مدينة سان خوان، التي تأسست في عام 1521، أقدم مدينة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد تسببت أزمة تفشي فيروس كورونا، في جعل الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة مرور 500 عام على تأسيس المدينة، متواضعة إلى حد ما، في الجزيرة التي عادة ما تشهد إقامة حفل في نهاية كل أسبوع تقريبا