بروناي .. تجربة استثنائية لسياحة الخمس نجوم

بروناي – بدر شفيق الخوام

تمتع المجتمعات الإنسانية بعادات وتقاليد وثقافات مشتركة ومتباينة في آنٍ معاً، وهذا ما يُعرف بالخصوصية؛ أي تميز كل مجتمع عن باقي المجتمعات الأخرى. وهذا المفهوم يمكن اسقاطه على المجتمعات العربية والإسلامية التي انسجمت مع ذاتها، وحافظت على موروثها النبيل لأكثر من 1,400 سنة خلت.

فالأسرة العربية والإسلامية، استناداً لمنطق البدهية العام، تتفرد بقيم محافظة تنبع من خصوصيتها التي تميزها عن سائر الأسر في المجتمعات الأخرى، فهي تمتاز بأسلوب ونمط حياتي مُلفت، وتجمع بين تذوق ألوان الطبيعة الساحرة، في الجبال والسهول والوديان والغابات، ولا نقول بأنها تحب المغامرة فحسب، بل وتتمتع بقدرة خلّاقة وحس مرهف يُقدِّرُ تراث وثقافات الشعوب الأخرى. فهي تميل إلى الوقوف على أدق تفاصيل الفنون المعمارية والصروح التراثية في العالمين العربي والإسلامي، وتحب التسوق واقتناء كل ما هو فريد أو نفيس من المقتنيات التذكارية. وكونها أسرة تهوى السياحة والسفر والترحال، فهي الأقدر على التمييز بين ضروب الضيافة السياحية التي تتجلى بأرقى وأبهى صورها، خاصة في المجتمعات الاسلامية المحافظة، مثل سلطنة بروناي المعروفة بدار السلام.

قد نتفق مع قول القائل: "إننا نجهل الكثير عن سلطنة بروناي"، ومع ذلك، فإن ما نعرفه عنها يُحفِّزُنا على طلب المزيد من خلال زيارتها وخوض غمار تجربة استثنائية بل فريدة قل نظيرها، للوقوف على أهم وأشهر معالمها، والقيام برحلات استكشافية داخلية عبر أراضيها الغناء، وركوب الزوارق الخشبية الطويلة بطابعها الكلاسيكي، والتنقل بها عبر الأنهار والجداول المتدفقة، التي تكتنفها الأشجار والظلال الوارفة، في رحلات سفاري برمائية رائعة لاتنسى، والتمتع بمشاهدة البراري المليئة بمختلف صنوف الحيوانات.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه ليشمل زيارة القرى العائمة على الماء، وممارسة الرياضات المائية والغوص، وركوب الدراجات في الجبال، وتسلق الصخور ودخول الغابات المطيرة الأقدم في العالم، والتعرف على العادات والتقاليد الموروثة لهذا البلد العريق، ذي الطابع الاسلامي المحافظ، وزيارة أهم وأشهر المساجد في العالم كمسجد السلطان عمر علي صفي الدين، الذي يجسد عظمة الهندسة المعمارية الإسلامية والتقاليد الملكية، ومشاهدة قبابه الذهبية البراقة والمتلألئة التي تبهر الأبصار، والإطلاع على نوادي الأطفال والفنادق الفخمة.

والسلطنة تخلو بحق من كافة تعقيدات الحياة والروتين المقيت، الذي يقيد حركة السياح وانتقالهم منها وإليها، فعلى سبيل المثال، لا حاجة لحصول مواطني دول مجلس التعاون الخليجي على تأشيرات الدخول بشكل مسبق، خاصة بالنسبة لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة وعُمان، أما بالنسبة للجنسيات الأخرى فيمكن حصولهم عليها بسهولة ويسر. والحق يقال: "أن التجربة التي يخوضها زوار وضيوف السلطنة تبدأ مع وصولهم إلى مطار بروناي الدولي في بندر سري بغاوان Bandar Seri Begawan، عاصمة سلطنة بروناي، ونقطة الوصول الرئيسة للبلاد. فالإجراءات غاية في البساطة والسهولة، ويشرف عليها فريق مهني متخصص، يبادر إلى التعاون والمساندة والبسمة تعلو محيا كل فردٍ من أفراده، يبادلها بالمقابل ابتسامات الزوار تعبيراً عن الرضى والاستحسان. يبعد المطار عن مركز المدينة مسافة 15 دقيقة بالسيارة، أي حوالي 11 كيلومتراً تقريباً.

تقع سلطنة بروناي في شمال غرب جزيرة بورنيو، وتطل على بحر الصين الجنوبي، وتحدها ماليزيا من كافة الجهات باستثناء الساحل الشمالي. وتغطي الغابات الإستوائية المطيرة معظم أجزاء البلاد؛ حوالي ثلاثة أرباع مساحتها. وتتنوع تضاريسها بين السهول المنبسطة والجبال في الشرق، بينما تتميز الجهة الغربية بأراضٍ منخفضة تتخللها تلال متفاوتة الإرتفاعات. ومن بين الأسماء التي أُطلقت على سلطنة بروناي – دُرّةُ آسيا – ذلك لأنها تتميز عن قارة آسيا الجنوبية من حيث أنها هادئة وغير مزدحمة بالسكان وغنية إلى أبعد الحدود. تنقسم سلطنة بروناي دار السلام إلى أربعة أقاليم هي: بروناي مورا وفيها العاصمة، ونوتونج، وبلايت وتمبورونج. ويتكلم سكان السلطنة ثلاث لغات، الملايوية، والإنجليزية إلى جانب اللغة العربية ولكن على نطاق محدود.

يؤم سلطنة بروناي أسر عربية ووفود سياحية مختلفة قادمة من مختلف بلدان منطقة الخليج العربي للوقوف على معالمها الحضارية، وزيارة متاحفها، والقيام بجولات على القرى المائية والمحميات الطبيعية والمنتجعات، وزيارة قرية البيوت الطويلة، وركوب القوارب عبر الغابات المطيرة، والتعرف على طبيعة البلاد الجميلة، واستنشاق هواءها النقي، والتجول في شوارعها غير المزدحمة، والوقوف على ثقافتها وتقاليدها وتراثها القيِّمْ.

إن ما أتينا على ذكره لا يمثل إلا غيضاً من فيض من عوامل الجذب السياحي التي تمتاز به سلطنة بروناي، فهي توفر الخدمات البنكية المختلفة، ومراكز التسوق الكبرى، وتستضيف المؤتمرات العالمية، واللقاءات والمنافسات الرياضية الدورية بين القارات، وفيها أفخم الفنادق العالمية وأكثرها شهرة، فندق ذي إمباير آند كانتري كلوب للجولف The Empire & Golf Country Club، الذي يعتبر جوهرة تاج الضيافة في السلطنة، وهو من المعالم السياحية الرائدة والشيقة على الإطلاق.

يعتبر فندق ذي إمباير وكانتري كلوب للجولف أحد أرقى المنتجعات الفندقية العالمية من حيث الرفاهية والترف والبذخ، ويضم ملاعب الجولف، ويستقبل وفود رجال الأعمال في اقليم آسيا المحيط الهادئ، وزوار السلطنة من الأسر الملكية والطبقات الاجتماعية المختلفة، ويتيح لهم تجربة فريدة في روضة استوائية منعزلة تتربع على مساحة 180 هيكتار تقريباً.

يمتاز الفندق بطوابقه الرخامية الإثني عشر، وردهة استقباله الذهبية، وتحيط به الحدائق الغناء، وملاعب الجولف الدولية، فضلاً عن نادي الجولف الريفي. كما يوفر الفندق 518 غرفة غاية في الترف والرفاهية مع الأجنحة والفيلات المطلة على المحيط، والبحيرة، والحدائق وملاعب الجولف. وقد جُهِّزتْ غرف الفندق النموذجية بأسِرةٍ ملوكية ضخمة مصنوعة من أجود أنواع الكتان، وبحمامات رخامية رحبة تضم مغاطس استحمام عميقة مع صنابير مياه ذهبية ومزايا رفاهية أخرى رغيدة ومترفة.

عزّز الفندق مفعوم الضيافة الفخمة للسلطنة بسلسلة مثيرة من المطاعم العالمية، والسبا Spa، والنشاطات الرياضية القارية كرياضة الجولف، ومرافق الإجتماعات المعيارية المخصصة للمؤتمرات والمعارض المختلفة، بما في ذلك قاعة أنديرا سامودرا الكبرى التي تستوعب 1,200 شخص لحفلات العشاء الرسمية، و 2,500 شخص لحفلات الكوكتيل، مزودة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية، ما يؤهله ليكون بحق منتجعاً مثاليّاً للعائلات والأشخاص الرومانسيين الباحثين عن المغامرات الجميلة، والاستجمام والاسترخاء وحياة الدَّعَةِ والراحة.

يضم الفندق مجمعاً لدور العرض السينمائية، يُعرضُ فيه أحدث اصدارات الأفلام، بالإضافة إلى مسرح حديث خصص للاستعراضات المباشرة. أما التسهيلات الترفيهية فتتضمن بحيرات شاطئية مالحة، ومسابح ونادي أليكتروني للأطفال، وملاعب للتنس، ومراكز للّياقة البدنية مجهزة بأحدث التجهيزات، ومنتجع للمياه المعدنية، فضلاً عن نادي الجولف المؤسس وفق أرقى المعايير العالمية يحمل بصمة تصميمات جاك نيكلاوس. كما يقدم الفندق خدمات المرافقة والحراسة الشخصية لكافة الزوار والنزلاء المتميزين. وهناك عوامل جذبٍ كثيرةٍ في سلطنة بروناي عموماً وفي فندق ذي إمباير على وجه الخصوص لا أودُّ ذكرها، علّي أترك بذلك هامشاً رحباً أمام من يخططون لقضاء عطلتهم السنوية في تلك البلاد، أن يكتشفوا بأنفسهم ما ضننْتُ عليهم من ذكره، حفاظاً على متعة إكتشاف ما ينتظرهم في أرض العجائب والغرائب.

 

———

مجلة سفاري نت تفتح لك المجال للمشاركة بنشر تجاربك السياحية والتي عشت فيها اجمل اللحظات واحلى الاوقات لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسمك والبلدة وصور بجودة عالية على العنوان البريدي: safari.mag@gmail.com  مع ضرورة كتابة عنوان الرسالة باسم  مذكرات سائح .

diary