تستحق مدينة طرابزون، لؤلؤة ساحل البحر الأسود، أن تكون على لائحة وجهاتك السياحية المُفضلة في تركيا، فهي تمتاز بالهدوء والجمال الربّاني والطقس المعتدل اللطيف حتى في شهور الصيف الحارّة، وهي أقل إزدحاما من أنطاليا والمدن التركية الغربية، ووضعت لنفسها مكانة مميزة من ناحية المشهد الثقافي والفني والعادات والتقاليد المُحافظة على التراث التركي الأصيل.
وقد أصبحت طرابزون من أكثر الوجهات المحببة للسائح العربي، حيث يجد فيها اللون الأخضر المُريح والسكينة التي يطلبها في رحلة عائلية أو شبابية، سنقدم لكم في هذا المقال دليل رحلة 7 أيام إلى شمال تركيا، إلى منطقة طرابزون، تتعرفون من خلال هذا الدليل على أشهر معالم المدينة، وأهم المزارات السياحية القريبة منها، مع نصائح عملية لحجز فندق في طرابزون، وكيفية تنظيم مسار رحلتكم بأسهل الطرق وأكثرها فائدة.
اليوم الأول والثاني | استعدوا لفتنة “السحر الأسود”
- منظر لدير سوميلا المقام بين الجبال
- متحف آيا صوفيا طرابزون
- قصر أتاتورك في طرابزون
يقع الزائر لطرابزون في غرام هذه المدينة ما أن تطأ قدماه أرض المطار القريب منها، فهي تختال بدفء وجمال وكأنها حورية تسرق النظرات من خلف الجبال الكثيرة المُحيطة بها، وخرير المياه الذي يرافق المسافر طوال رحلته، وتملك فنادق طرابزون خيارات مناسبة لكافة الميزانيات، مثل فندق نازار هوتل (فئة 3 نجوم) مع موقع ممتاز وسط المدينة وبتكلفة تبدأ من 60 دولارا لليلة، وفندق ياليبارك هوتل (فئة 4 نجوم) وأسعار تبدأ من 150 دولار للغرفة، أو اختيار حجز شقة فندقية في طرابزون في فندق بروج في آي بي 1 وسعر يبدأ من 320 دولار لليلة.
يمكنك أن تبدأ رحلتك بزيارة المعالم القريبة في المدينة، مثل متحف آيا صوفيا وبحيرة سيرا الجميلة، وقصر أتاتورك المُقام على هضبة عالية وموقع ممتاز ويتمتع بإطلالة خلابة، ويبعد دقائق قليلة عن مركز المدينة، وتُحيطه حديقة غنّاء واسعة وجميلة ومثالية للتنزه.
في اليوم الثاني؛ ستبدأ المغامرة الحقيقية بزيارة إلى دير سوميلا أو صوميلا، حيث ذهب البعض إلى وصفه بأنّه أجمل دير مُقام على الجبال في العالم، ويبعد الدير قرابة ساعة ونصف عن طرابزون، في طريق لا يملك الزائر له إلا أن يحدّق بلا ملل أو كلل من نافذة الحافلة أو التاكسي، وننصحكم بزيارة الدير في أوقات الصباح الباكرة، حيث يكون أقل إكتظاظا، وينعم الضيف بعالم من الهدوء والعزلة والتأمل الذي تحرّضه المناظر الطبيعية المدهشة في هذا المكان، قوموا بجولة حول مُجمّع الكنائس الصغيرة على رأس الجبل، وانتبهوا أثناء تسلّق السلالم العالية، التي ربما تكون غير مناسبة لإصطحاب الأطفال، وبعد التعب والتصوير إلتقطوا أنفاسكم في المقهى الجميل الهادئ القريب.
اليوم الثالث: رحلة يوم واحد إلى محافظة ريزة
الطبيعة الخلابة في منطقة أيدر
- مغامرات التجديف في نهر فيرتينا
تبعد محافظة ريزة قُرابة ساعة عن محافظة طرابزون، ويُقال بأنها أجمل منطقة طبيعية في تركيا، حيث المناظر الخلابة التي تُنافس جبال الألب الأوروبية بسحرها وجبروتها، ويمكنكم التخطيط لزيارتها ليوم واحد إنطلاقا من فنادق طرابزون، أو الإقامة في النُزل الصغيرة المنتشرة في القرى الكثيرة الخلابة في ريزة.
وتُعد مرتفعات أيدر أشهر معالم الجذب السياحي هنا، وتمتاز هذه المنطقة بهطول الأمطار في أي وقت طوال العام، مع إنخفاض ملحوظ في معدل الهطول بدءا من الربيع وحتى بداية الخريف، وتطول قائمة الأماكن الخلابة التي تستحق الزيارة في ريزة، حيث الشلالات والأنهار التي ينطلق السائحون في رحلات تجديف بالقوارب المطاطية عليها، وكذلك المطاعم والقرى الحالمة التي تُقدم أشهى زبدة وجبنة وعسل يمكن أن تتذوقوه في تركيا، بالإضافة إلى أطباق طعام شهية مُعدّة على الحطب.
تجذب قلعة “زيل كالي” آلاف السائحين سنويا، الذين ينطلقون في مغامرة إلى وادي “فيرتينا” الخرافي بجماله الآخاذ، وبتذكرة دخول 2,50 ليرة تركية للشخص يمكن التجوّل حول القلعة التي تعود إلى القرون الوسطى، وإلتقاط أروع الصور من الإطلالات المذهلة لها، كما يوجد مقهى رائع وهادئ بالقرب.
اليوم الرابع: رحلات يوم واحد إلى المدن القريبة من طرابزون
- مدينة أماسرا الرومنسية
- القرى الخلابة في محافظة غيرسون
- مدينة أوردو
- مدينة سينوب الجميلة
إذا كنتم من عشاق التنقلات خلال رحلتكم السياحية؛ فستجدون الكثير من الأماكن الخلابة على ساحل البحر الأسود، والتي يمكنكم زيارتها إنطلاقا منفنادق طرابزون، ويتوفر أماكن للمبيت وفنادق في هذه المدن الهادئة التي ربما لم تسمعوا عنها من قبل.
ننصح بزيارة محافظة أوردو، التي تبعد قرابة 155 كم عن طرابزون، وتشتهر هذه المدينة بالكثير من الشلالات والبحيرات الساحرة والمناظر الخضراء التي تبهج النفس، كما يُعد ركوب التلفريك من أهم الأنشطة السياحية فيها، ولا تنسوا تذوق كأس شاي تركي “مزبوط” في مقهى Vonali Celal الذي يُعد من أشهر المقاهي ذات الإطلالة الرائعة في أوردو.
يمكنكم زيارة محافظة غيرسون كخيار آخر جميل، حيث تبعد قرابة 113 كم عن مدينة طرابزون، وتشتهر بشلالات “كوزالان” المنعشة، وقلعة “غيرسون” ذات الإطلالة التي لا تُفوت، ويمكنكم أن تمتعوا أنظاركم بروعة المراعي والسهول الخضراء والهضاب التي تلون هذه المحافظة بكل براعة وإتقان.
تبعد محافظة “كوموش خانة” قرابة 65 كم عن طرابزون، وهي وجه آخر غير مألوف في تركيا، ويشعر الزائر لها وكأنها منطقة هاربة من عقارب الساعة، حيث البيوت الريفية البسيطة ومحلات المصنوعات اليدوية وعبق الماضي والتقاليد يعبق من أزقتها الشاعرية.
وإذا كنتم تملكون الوقت وتخططون لرحلة طويلة؛ فلا تفوتوا فرصة زيارة جواهر السياحة على ساحل البحر الأسود، ونقصد هنا مدينة “أماسرا” الرومنسية الحميمية، ومدينة سينوب التي لم تلوثها بعد جموع الزائرين.
اليوم الخامس والسادس: أنا والليل وكوخ في أوزنجول!
- بحيرة وبلدة أوزنجول الساحرة
- مسجد بحيرة أوزنجول الشهير
- جمال الطبيعة في أوزنجول
تبعد مدينة أوزنجول قرابة 80 كم عن مدينة طرابزون، ويحتاج الوصول إليها قرابة ساعتين، ويمكن زيارتها إنطلاقا من فنادق طرابزون، أما الحالمين برحلة مميزة لا تتكرر فننصحكم بحجز كوخ قريب من بحيرة أوزنجول، والتي تعني “البحيرة الطويلة”، حيث يتوفر العديد من الأكواخ والنُزل المزوّدة بخدمة الإنترنت والتلفاز والحمامات الحديثة الأنيقة، وهنا يعيش السائح ليلة من العمر بين أحضان النجوم المتلئلة والهدوء الذي لا يقطع سوى صوت حفيف الأشجار وهبوب النسائم العليلة.
يمكنكم استئجار دراجات هوائية والتنقل حول البحيرة الجميلة، وركوب القوارب التي تُنظم رحلات حولها، وننصح بالإعتماد على وسائل النقل العامة في منطقة أوزنجول، فهي متوفرة ورخيصة، وتمتاز هذه المنطقة بأجوائها المعتدلة، إذ لا تتجاوز فيها الحرارة 26 درجة مئوية حتى في شهور الصيف، وهي وجهة مثالية لعطلات العائلات ورحلات شهر العسل وكذلك المغامرات الشبابية.
اليوم السابع: نهاية المسلسل التركي!
- القرى الحالمة في ريزة
- سحر أوزنجول ليلا
- إطلالة تحبس الأنفاس من دير سوميلا
لا يملك المرء إلا أن يشعر بالحزن على الفراق والأمل باللقاء مرة أخرى، فرحلة طرابزون لديها الكثير من الخصوصية والآثار الباقية في النفس، حيث يقوم السائح بمقابلة شخصية وحصرية مع وجهة سياحية تركية مختلفة وغير معهودة، ربما لا تتمتع طرابزون بشهرة اسطنبول وعراقتها، وبلون البحر الساحر والشواطئ المزدحمة والحياة الليلية في أنطاليا، ولكنها قبلة لمحبي الهدوء والطبيعة البكر، وملاذ للهروب من صخب الحياة الحديثة، وستحمل معك عند عودتك من طرابزون صورة تذكارية لا تُنسى، صورة تجمع إطلالة روحية من أحد نوافذ دير سوميلا، تحت سماء وليل أوزنجول المُلهم، ومذاق العسل الريفي في قرى ريزة القابعة بسلام.
نقلا عن بطوطة