بالصور .. قرية “رجال ألمع” إبداع معماري بين الجبال في المملكة

سفاري نت – متابعات

لوحة بديعة رسمتها الطبيعة بريشة ساحرة ونسيَتها، في جنوب المملكة العربية السعودية، لكن جمالها الأخّاذ لفت الأنظار وشدها إلى بقعة تراثية، لتستحق اهتمام منظمة «اليونيسكو»، وتضمها إلى قائمة التراث العالمي.
تقع «رجال ألمع» في منطقة عسير جنوب المملكة، تتميز مبانيها الحجرية العالية (تصل إلى سبعة أو ثمانية طوابق) بالإبداع المعماري، فقد بناها أهلها من الأحجار الصلبة والطين لتشبه الحصون والقلاع التاريخية. وهي من القرى التي كانت نقطة وصل بين مكة المكرمة، اليمن، الشام والبحر الأحمر؛ لأنها تقع في موقع متميز بين مدينة أبها وعسير والدرب وقنا، كما أنها تعتبر مدينة جبلية محاطة بالجبال والوديان والمناظر الطبيعية الساحرة، وغنية بالمواقع الأثرية التي ذاع صيتها. و نأخذكم في رحلة إلى أجمل ما في قرية «رجال ألمع» وفقا لموقعزهرة الخليج.

البيوت
بُنيت بيوت قرية «رجال ألمع» بين الجبال، وبعضها تم تشييده بحجر المرو والطين، ورُصّت الأزقة بينها بالحجارة بشكل هندسي لافت. وتُعد بيوت «رجال ألمع» أكثر البيوت ارتفاعاً في منطقة عسير، وهي تتقارب فيما بينها، وكأنها مجموعة قلاع ذات طوابق متعددة، تسكنها عائلات، وكل طابق تسكنه أسرة، أما جدرانها فزُينت بلوحات جدارية صاغتها المرأة الألمعية بريشة خاصة، مصنوعة من شعر ذيل الماعز، واستخدمت أدوات وألوان من البيئة مثل الفحم، القضاض، واللون الأحمر الذي يستخرج من حجارة حمراء تسحق ثم يضاف إليها المر وبعض المكونات، في حين أن الألوان مثل الأصفر والأزرق والأخضر، كانت تجلب عن طريق التجار. وللرجل الألمعي دوره أيضاً في تزيين حصنه من الخارج، باستخدام أحجار المرو ليؤطر بها نوافذ بيته وأبوابه. هذه البيوت متناثرة بين زهور ونباتات من مختلف الألوان والأجناس، وأشجار تمددت حولها وكسَتها ببساط أخضر بهيّ، يضيف إلى جمالها سحراً خاصاً.

المتحف
أنشىء متحف «رجال ألمع» للتراث عام 1985، بمبادرة من أهالي المحافظة بهدف حفظ تراث منطقتهم، واختير لهذه الغاية (حصن آل علوان)، الذي يُعد المبنى الأجمل للقرية، بعد أن قام الألمعيون بترميمه بأنفسهم. وضعت أسر القرية مقتنياتها القديمة والأثرية في هذا المتحف، وقمنَ النساء بالنّقش داخل المتحف، بإشراف الفنانة الألمعية فاطمة علي أبو قحاص، ليصبح مقصداً للسياح من أنحاء العالم كافة.

قلعة الشعبين
هي إحدى القلاع التراثية الموجودة في القرية والتي مرت عليها عصور، تتكون من طابقين يحتويان على آثار مهمة تعود للعصر العثماني، حيث كانت مقراً عسكرياً للعثمانيين، ثم مقراً لأمراء السعودية، فمقراً للحكومة، ثم لسجن، قبل أن تصبح مكاناً لحفظ آثار قطع أثرية نادرة، تعكس تراث فترة معينة من التاريخ.

النباتات وعسل «رجال ألمع»
تفوح رائحة النباتات العطرة في طرقات «رجال ألمع»، خصوصاً في مواسم الورود والأمطار، فهي من أغنى المناطق العطرية في جزيرة العرب، ولكل من هذه النباتات العطرية اسم وصفة ولون وشكل، مثل الكافور، والكادي، الخزامى، زهور البنفسج، الياسمين، العرعر، العذب، السمر، الرند، البان الريحان، الحبق والنعناع. وتشتهر رجال ألمع بتربية النحل، وإنتاج وتصدير أجود أنواع العسل الذي يعتبره السكان غذاءً ودواءً، ويُعده الخبراء العالميون الأطيب في العالم.

قصبة العوص

تُعتبر مَعلماً سياحياً أثرياً لصمودها في وجه الزمن البعيد، وقد تضافرت جهود الحكومة في ترميمها وإعادتها إلى حالتها المعمارية السليمة. استخدمت هذه القلعة في العصور الماضية كبرج للمراقبة وحراسة المناطق المحيطة. تصل مساحة قاعدتها إلى نحو 26 متراً مربعاً، ويمكن الصعود إلى أعلاها لمشاهدة القرية من فوق.

الوديان
تشتهر «رجال ألمع» بالوديان الجميلة التي تغدق على القرية منظراً يسحر العقول، مثل وادي حلي الذي يقع في الشمال وتتصل به وديان عديدة منها وادي عمقة، وشصعة، والعوص، وظهران.  أما وادي ريم فيقع في الجنوب ومن روافده وادي الميل، وريم بني جونة، والعاينة ومحلية، وعرمرم. وجميع شلالات هذه الوديان تصب في البحر الأحمر.

الزي الألمعي
يتنوع الزي الألمعي للذكور في المحافظة من مكان إلى آخر، ولكن يمكن حصره بالثوب، المعجر، الشفرة والصمادة، وينتشر من شمال رجال ألمع إلى جنوب كسَان تقريباً، والحوكة (رداء وإزار) المنتشر في الحبيل وجوارها. أما الزي النسائي المتعارف عليه، فهو الثوب العسيري (الجلابية) المنتشر بموضة جديدة تتلاءم مع العصر.

القصور
تم تشييد أكثر من 50 قصراً في قرية «رجال ألمع»، وبسواعد أبنائها الذين جلبوا الحجارة من سفوح جبالهم. تهاوت بعض هذه القصور مع مرور الزمن، فأعيد ترميمها للحفاظ على طابع المدينة الحجري، وعلى مكانتها عبر العصور مركزاً تجارياً مهماً لاتصالها بالبحر الأحمر، وتأمين ممر طبيعي للقادمين من اليمن والشام إلى مكة والمدينة.
المكتبة التراثية
توجد في قصر حاكم القرية، وتضم أكثر من ألف مخطوطة ووثيقة تاريخية عن المملكة، إضافة إلى أهم المعاملات التجارية والعملات المعدنية الأثرية، وطوابع عتيقة ومخطوطات في جميع العلوم، ومصاحف قرآنية تمت كتابتها وزخرفتها بماء الذهب.

فن القط
اشتهرت النساء باحترافه، وهو عبارة عن خطوط وتشكيلات جمالية هندسية تُرسم على جدران المنازل في منطقة عسير منذ أكثر من 300 سنة. تستخدم في هذه النقوش ألوان تتكون من عناصر بيئية، مثل الفحم، أحجار الجبال الحمراء، المر والأرز المحمص، وتطحن يدوياً، ويضاف إليها مادة الصمغ عند النقش. من أنواعه المشط، الشبكة، والمحاريب وغيرها.

ابداع معماريالمملكةبين الجبالسياحةقرية رجال ألمع