انهيار توماس كوك أقدم شركة سياحية بعد 178 عاما على تأسيسها

سفاري نت – متابعات

انهارت “توماس كوك”، أقدم شركة رحلات في العالم، اليوم، لتتقطع السبل بمئات الآلاف من السياح في أنحاء العالم، وتنطلق أضخم مساعي إعادة مواطنين من الخارج، في زمن السلم في التاريخ البريطاني.
بحسب “رويترز”، تكتب التصفية كلمة النهاية لواحدة من أقدم الشركات في بريطانيا، التي بدأت النشاط في 1841 بتنظيم رحلات محلية عبر خطوط السكك الحديدية قبل أن تصبح رائدة في عروض السفر وتنمو إلى واحدة من أضخم شركات تنظيم الرحلات في العالم.
وتعهد بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني بإعادة المسافرين البريطانيين الذين تقطعت بهم السبل إلى الوطن، ما يزيد الضغط على الحكومة في الوقت الذي تسعى فيه إلى التفاوض على انسحاب معقد للغاية من الاتحاد الأوروبي.
وقال “إن الحكومة كانت قد رفضت طلبا من توماس كوك يتعلق بصفقة إنقاذ بنحو 150 مليون جنيه استرليني “187.1 مليون دولار” بسبب ما أوضح أنه “خطر أخلاقي”.
وأضاف للصحافيين على متن الطائرة لدى توجهه لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك “إنه وضع صعب للغاية، ومشاعرنا بالتأكيد مع عملاء “توماس كوك” بشكل كبير.. السياح الذين قد يواجهون الآن صعوبات في العودة.. سنبذل قصارى جهدنا من أجل إعادتهم إلى البلاد”.
وتضررت “توماس كوك” جراء تراكم ديون بلغت 2.1 مليار دولار منعتها من مواكبة المنافسة الإلكترونية الأكثر براعة. ومع تراكم الديون منذ عشرة أعوام تقريبا بسبب عديد من الصفقات سيئة التوقيت، تعين عليها بيع ثلاثة ملايين رحلة سنويا لمجرد تغطية مدفوعات الفوائد.
وفي ظل صراعها من أجل ملاحقة جيل جديد من السياح، تضررت الشركة بسبب موجة الحر في أوروبا في 2018 التي دفعت العملاء إلى الإحجام عن السفر للخارج.
وقال بيتر فانكهاوزر الرئيس التنفيذي، “إنه من دواعي الأسف العميق توقف عمل الشركة بعد فشلها في التوصل إلى صفقة إنقاذ من مقرضيها في محادثات محمومة جرت في عطلة نهاية الأسبوع”.
وقالت هيئة الطيران المدني البريطانية “إن “توماس كوك” أوقفت بيع الرحلات، وإن لدى الهيئة والحكومة أسطولا من الطائرات المستعدة لإعادة العملاء البريطانيين الذين يتجاوز عددهم 150 ألفا إلى البلاد على مدار الأسبوعين المقبلين”.
وبدأت آثار الانهيار تمتد بالفعل إلى أبعد من ذلك، إذ تقول مجموعة ويبجت الأسترالية للرحلات “إنها تكلفت 27 مليون يورو من مواردها”، وتقول مجموعة أون ذا بيتش البريطانية لحجز الرحلات عبر الإنترنت “إنها ستعاني لمساعدة عملائها في المنتجعات الذين سافروا مع “توماس كوك”.
لكن الانهيار قد يقدم دفعة إلى الشركة المنافسة الكبيرة “توي” التي ارتفعت أسهمها أكثر من 8 في المائة في التعاملات المبكرة اليوم، وأيضا لقطاع الطيران شديد الازدحام في أوروبا، الذي قد يستفيد من توقف عمل شركات الطيران التي تديرها “توماس كوك”.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات لـ”توماس كوك” يجري تحويل مسارها من أماكنها المعتادة في المطارات.
وقال جونسون رئيس الوزراء “إن انهيار “توماس كوك” يثير تساؤلات عما إذا كان مديرو شركات الرحلات لديهم الدافع الكافي لتفادي الإفلاس”.
وتابع “نحتاج إلى فحص الطرق التي يمكن من خلالها لشركات تنظيم الرحلات بشكل أو بآخر حماية أنفسها من مثل هذا الإفلاس في المستقبل، وبالتأكيد الأنظمة القائمة لدينا للتأكد من أنها لن تأتي في النهاية إلى دافع الضرائب لطلب المساعدة”.
وتدير الشركة فنادق ومنتجعات وشركات طيران تخدم 19 مليون مسافر في العام في 16 دولة وحققت إيرادات قدرها 9.6 مليار جنيه استرليني “12 مليار دولار” في 2018. وللشركة في الوقت الحالي 600 ألف زبون يقضون إجازاتهم في الخارج من بينهم أكثر من 150 ألف مواطن بريطاني.
ويعمل في شركة توماس كوك 21 ألف موظف، وهي أقدم شركة للسفر في العالم إذ تأسست في 1841. وتبلغ ديون الشركة 1.7 مليار استرليني.
وطلبت الحكومة البريطانية من هيئة الطيران المدني البريطانية بدء برنامج لإعادة زبائن “توماس كوك” المتضررين من الخارج في غضون أسبوعين اعتبارا من اليوم حتى السادس من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وقالت “من المحتم أن يحدث بعض الاضطراب بسبب ضخامة الوضع، لكن هيئة الطيران المدني ستحاول إعادة الناس إلى الوطن في أقرب وقت ممكن لتواريخ عودتهم المقررة في الأصل”.
وسيستخدم أسطول من الطائرات في إعادة المواطنين البريطانيين، وفي الوجهات السياحية التي يكون فيها عدد قليل سيجري اللجوء إلى رحلات تجارية بديلة.
وأطلقت هيئة الطيران المدني موقعا خاصا يمكن للمتضررين أن يجدوا عليه تفاصيل الرحلات الجوية والمعلومات الخاصة بها.
أما الزبائن الذين لم يسافروا من بريطانيا فسيتعين وضع ترتيبات بديلة لهم. وفي ألمانيا التي تعد سوقا رائجة لزبائن “توماس كوك” ستتولى شركات التأمين تنسيق الترتيبات.
وقالت هيئة الطيران المدني “يجب ألا يتوجه الزبائن الموجودون حاليا في الخارج إلى المطار إلا بعد تأكيد رحلة عودتهم إلى المملكة المتحدة على الموقع الإلكتروني المخصص لذلك”.
وأضافت “على زبائن “توماس كوك” في المملكة المتحدة الذين لم يسافروا إلى الخارج بعد عدم التوجه إلى المطار، وذلك لإلغاء كل الرحلات المغادرة للمملكة المتحدة”.
وقال بيتر فانكهاوزر الرئيس التنفيذي لـ”توماس كوك”، “أقدم اعتذاري لملايين الزبائن وآلاف العاملين والموردين والشركاء الذين دعمونا لسنوات عديدة”.
وأضاف “هذا يوم حزين جدا للشركة التي كانت رائدة للرحلات السياحية الشاملة ويسرت السفر لملايين الناس في أنحاء العالم”.
وذكرت “توماس كوك” أنها دخلت مرحلة تصفية إجبارية وحصلت على الموافقة لتعيين حارس قضائي لتصفية الشركة.
وسيجري تعيين شركة أليكس بارتنرز بريطانيا أو كي.بي.إم.جي كمدير خاص لأقسام الشركة المختلفة.
وتحت وطأة ارتفاع مستويات الديون والشركات المنافسة التي تعمل عبر الإنترنت وغموض الوضع الجيوسياسي، كانت “توماس كوك” تحتاج إلى مبلغ إضافي قدره 200 مليون استرليني بخلاف حزمة قدرها 900 مليون كانت قد اتفقت عليها بالفعل لكي تعبر بها أشهر الشتاء التي تحصل فيها على سيولة مالية أقل، ويتعين عليها أن تسدد مستحقات للفنادق عن الخدمات التي تؤديها في الصيف.
وتسبب طلب المبلغ الإضافي في نسف حزمة الإنقاذ التي استغرق إعدادها شهورا.
والتقت قيادات “توماس كوك” المقرضين والدائنين في لندن اليوم الأول، لمحاولة التوصل إلى صفقة أخيرة تسمح للشركة بمواصلة نشاطها، لكنهم فشلوا في ذلك.
وفقا لـ”الفرنسية”، فإن الأزمة تسببت في أكبر عملية من نوعها في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية لإعادة عشرات آلاف المسافرين.
وكانت الشركة الرائدة في مجال السفر التي انطلقت قبل 178 عاما، تواجه منذ بعض الوقت صعوبات سببها المنافسة من مواقع إلكترونية، كما نسبت أزمتها إلى قلق المسافرين من مسألة “بريكست”.
وأعلن جرانت شابس وزير النقل البريطاني إطلاق “أكبر عملية إعادة في تاريخ السلم”، مبينا أن الحكومة وهيئة الطيران المدني البريطانية استأجرتا عشرات من طائرات التشارتر لإعادة مسافري “توماس كوك” إلى البلاد.
وقالت الحكومة “جميع زبائن “توماس كوك” الموجودين حاليا في الخارج والذين قاموا بحجوزاتهم للعودة إلى المملكة المتحدة في الأسبوعين المقبلين، ستتم إعادتهم إلى الديار في أقرب موعد لحجوزات عودتهم”.
والمجموعة الضخمة مشغل سياحي وشركة طيران في الوقت نفسه، ومحطاتها الرئيسة هي جنوب أوروبا ودول البحر المتوسط، لكنها نظمت أيضا رحلات سياحية إلى آسيا وشمال إفريقيا والكاريبي.
وإضافة إلى توقف رحلات طائراتها، أجبرت “توماس كوك” على إغلاق وكالات سفر، ما ترك موظفيها البالغ عددهم 21 ألفا في أنحاء العالم – تسعة آلاف منهم في بريطانيا – من دون عمل.
وكانت وكالة السفر الصينية فوسون، وهي أكبر مساهم في “توماس كوك”، قد وافقت الشهر الماضي على ضخ 450 مليون جنيه في المجموعة من ضمن صفقة إنقاذ أولية بقيمة 900 مليون جنيه.
في المقابل يستحوذ التكتل المدرج في بورصة هونج كونج على 75 في المائة من أسهم وحدة أنشطة السفر في “توماس كوك”، و25 في المائة من وحدة الخطوط الجوية.
وقالت المجموعة الصينية في بيان “إن “فوسون” تشعر بالخيبة لعدم تمكن مجموعة توماس كوك من إيجاد حل قابل للتطبيق لإعادة رسملتها المقترحة مع فروع أخرى وبنوك مقرضة رئيسة وحاملي سندات وأطراف مشاركة أخرى”.
أسس توماس كوك مصنّع الخزانات شركة السفر عام 1841 لنقل عدد من الزبائن بالقطار بين المدن البريطانية.
وسرعان ما بدأت الشركة تنظيم رحلات إلى الخارج لتصبح أول مشغل رحلات ينقل مسافرين بريطانيين إلى أوروبا عام 1855 وإلى الولايات المتحدة في 1866 وفي رحلات حول العالم عام 1872.
ونمت عمليات الشركة لتصبح مشغل رحلات وشركة خطوط جوية، لكنها رزحت تحت ديون هائلة رغم تسجيلها أخيرا إيرادات سنوية بلغت نحو عشرة مليارات جنيه استرليني جراء تنظيم رحلات لنحو 20 مليون مسافر في أنحاء العالم.
يأتي إفلاس الشركة بعد عامين فقط على انهيار “خطوط مونارك” الذي دفع بالحكومة البريطانية إلى اتخاذ تدابير طارئة لإعادة 110 آلاف مسافر، في عملية كلفت دافعي الضرائب قرابة 60 مليون جنيه استرليني لاستئجار طائرات.
وقال مايكل هيوسون، كبير محللي السوق لدى “سي.إم.سي ماركتس” المملكة المتحدة اليوم، “لم يقتصر الأمر على “توماس كوك” التي وقعت ضحية الإفراط في القطاع، مع انهيار عدد من شركات الطيران في الأعوام القليلة الماضية من أبرز ضحاياها “مونارك”.
من جهتها أعلنت خطوط كوندور الألمانية المتفرعة عن “توماس كوك” اليوم أنها بصدد طلب مساعدة مالية من برلين من أجل مواصلة عملياتها رغم إشهار الشركة الأم الإفلاس.
وذكرت أنها طلبت “قرضا قصير الأجل تضمنه الدولة”، يُدْرَسُ في برلين.
وقال رالف تيكنتروب المدير الإداري للخطوط “نواصل التركيز على أفضل ما نفعله: نقل ضيوفنا جوا بأمان وفي المواعيد المحددة لتمضية عطلاتهم”.
وأوضحت “توماس كوك” أن 140 ألف سائح ألماني عالقون في الخارج.
بحسب “الالمانية”، اضطرت الحكومة البريطانية إلى الاستعانة برحلات الطيران العارض “شارتر” لإعادة عشرات الآلاف من البريطانيين الذين كانوا يمضون عطلاتهم خارج المملكة من خلال “توماس كوك”.
وجاء في بيان نُشر على موقع “توماس كوك” عبر الإنترنت، “إنه قُدِّمَ طلب إلى المحكمة العليا لتصفية الشركة إجباريا قبل بدء العمل “الإثنين” ومُنِحَ أمر بتعيين الحارس القضائي بصفته القائم على تصفية الشركة”.
وذكرت الشركة أن ارتفاع تكاليف الوقود وحالة عدم اليقين بشأن كيفية وموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، من بين أسباب الصعوبات المالية التي واجهتها، كما واجهت الشركة سوقا سريعة التغير، مع منافسة قوية من شركات جديدة لحجز العطلات عبر الإنترنت.

توماس كوكسياحةشركة سياحيةطيران